اللوازم المدرسية حملٌ يثقل كواهل المواطنين.. والمؤشّرات تُنذر بخطر قادم

تهامة الدعبل:

يقول أحمد شوقي:

العلم يبني بويتاً لا عماد له        والجهل يهدم بيت العزّ والكرمِ

فأينما وُجِد العلم وجِدَت الحضارة والازدهار، أما الجهل فهو الأرض الخصبة والبيئة الحاضنة لمختلف الآفات الاجتماعية والنفسية وغيرها، لذلك كان اهتمام أعظم الحضارات في العصور مُنصبَّاً نحو الاهتمام بالعلم وتطويره والارتقاء بعقول الناس، وهذا ما خلَّدها في ذاكرة الدهر.

لكنَّ سورية في عصر التطور السريع والتكنولوجيا باتت عجلتها تدور دوراناً عكسياً نحو التخلف والجهل، فجميعنا لاحظنا انحدار المستوى التعليمي في السنوات الأخيرة حتى بات الجاهل يستوي إلى جانب العالم في ميزان واحد، وقد ينتصر الجاهل في بعض الأحيان، فأجر أي عامل في مهنة حرة ولا يحمل أيَّ شهادة أفضل بكثير من أفضل رواتب موظفي القطاع العام، ما أدى إلى انحدار مكانتهم الاجتماعية، وهذا ما دفع عدداً كبيراً من المعلمين إلى تقديم استقالتهم وتوجههم نحو التدريس الخاص بسبب هشاشة الرواتب الوظيفية، وانتشار الرشوة والغش على نطاق واسع دون وجود رقابة حقيقية تحفظ للعلم مكانته وللمعلم كرامته، وكذلك فقد ظهر استهتار الطلاب بالعلم بسبب المستقبل المجهول الذي ينتظرهم، وانشغال معظم الأهالي عن متابعة تعليم أطفالهم بسبب انغماسهم في السعي وراء لقمة عيشهم.

وفضلاٌ عمّا سبق كله، قد لاحظنا هذا العام ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار القرطاسية ولوازمها ورسوم التسجيل في المدارس وأجور المواصلات إلى مستويات خرافية، فلجأت بعض العائلات إلى تسريب أطفالها من المدارس أو شراء اللوازم المدرسية لطفل واحد دون إخوته بسبب انخفاض القدرة الشرائية لدى شريحة كبيرة من المواطنين على أمل أن يتحسن الوضع في العام المقبل ويستطيعوا تعليم باقي أولادهم.

ومهما تكلمنا يبقى الواقع أصعب وأسوأ بكثير، هذا ما يُنذر بخطر محدق بنا لا بد من التنبُّه إليه والتصرف بحكمة وحزم لمواجهته، وأخاطب هنا الجهات المعنية بهذا الأمر، فبلادنا تسير نحو مستنقعاتٍ من الجهل والظلام سنغرق فيه لعشرات السنوات القادمة، ونناشد أصحاب القرار بتقديم المساعدات لمن صعبت حالتهم من الطلاب، وتخفيض أسعار المستلزمات المدرسية وانتشار الرقابة حتى يصبح في مقدور الجميع أن يُتِمُّوا تعليمهم، لعلنا ننتشل أنفسنا ونسمو ببلادنا قبل فوات الأوان.

العدد 1107 - 22/5/2024