العودة التي أثقلت كاهل الأسرة السورية

د. عبادة دعدوش:

مع اقتراب افتتاح المدارس اقترب وحش الغلاء الفاحش وكثرة الاحتياجات حتى باتت العودة إلى المدرسة نقمة أرهقت الطلاب والأهل ووضعتهم بين خيارات صعبة إحداها ترك التعلم، كيف؟!

هذا ما سنتحدث عنه في مقالنا الأسبوعي.

عندما تتحول الظروف إلى ظروف قاسية نعيشها اليوم مع الغلاء وتراجع الكفاءات وهجرة العقول، سيصبح الأمر محزناً، إلى جانب وجود جيل جديد ينتظر أن يمسك الورقة والقلم على مقعد الدراسة، فهل سيكمل كطالب طبيعي ويحصل على حقه بالتعليم، أم سيكبر عمراً من التوتر والحرمان والقلق مع وجود عائلة كاملة لا يكفيها دخلها حتى أن تأكل وتشرب.

إنّ تأمين المستلزمات المدرسية من كتب وأقلام ولباس، إضافة إلى وسيلة النقل بات أمراً مرهقاً جداً من حيث التكلفة، لأن الغلاء طال كل شيء حدَّ الجنون، والإيرادات الموجودة تكاد لا تغطي جزءاً صغير ممّا هو مطلوب.

لذلك، هناك العديد من الأسر السورية التي لجأت إلى طلب المساعدات وسحب القروض لتغطي بها تكلفة شراء المستلزمات المدرسية، والمؤسف أن هناك من لجأ لترك المدرسة والتسول أو العمل حتى يستطيع العيش.

وبذلك نلاحظ أن قيمة وماهية التعليم قد تراجعت لأن الاستثمار التجاري للمدارس لا يمتُّ للواقع الآن، ولا يراعي الظروف المعيشية من صعوبة في النقل وارتفاع في الأسعار، ولعلَّ ما يُحدِث الخلل الأكبر هو نقص الكوادر التدريسية بالمرتبة الأولى لعدة أسباب أهمها:

*لجوء بعض المدرسين للإجازات بشكل مستمر.

*بُعد مكان المدرسة الموفد إليها المُدرّس، وهذا ما يجعله يمتنع عن الحضور.

*انخفاض الرواتب التي لا تكفي ولا تليق بعطاءات المعلم.

*لجوء بعض المدرسين إلى التدريس الخصوصي للحصول على أجر مرتفع بعيداً عن الرقابة، وهذا ما يخلق مشكلة أخرى هي التفرقة بين الطلاب كون بعضهم حالته المعيشية لا تسمح له بحضور الدروس الخصوصية ودفع مبالغ مرتفعة للدرس الواحد.

وهكذا نصبح أمام دوامة لا تنتهي من المشاكل التي تقف عائقاً أمام التعليم وحق التعليم، وأمام مصلحة الطالب بالدرجة الأولى.

ويبقى لنا أن نحظى بحلول تناسب جميع الأطراف وتعطي لكل ذي حق حقه!

فلماذا لا تعمل الحكومات على تخصيص رواتب تكفي المعلمين وتبعدهم عن ترك المدارس، لاسيما الحكومية منها؟

إضافة إلى زيادة الرقابة على الأسعار وخاصة تلك التي تشمل القرطاسية المدرسية، واقتطاع جزء من الميزانية يُخصص لتأمين ما يحتاجه الطلاب بشكل مجاني وشبه المجاني في المدارس، وذلك لضمان عودة جميع الأطفال آمنين نفسياً إلى مدارسهم، والحدِّ من الضغوط التي يعيشها الأهل وتبقيهم في أجواء متوترة وقلقة مع أولادهم.

التعليم حق، والواجب العمل على توفير ما يلزم ليصبح ذلك الحق متاحاً للجميع، وبالحياد عن أي أعباء أخرى، فلمَ لا نعطيه الأولوية ونعيد دراسة سلبيات تدهور قطاع التعليم في ظلِّ ظروف معيشية متدنية وغلاء فاحش؟

العدد 1105 - 01/5/2024