لا بديل عن الحل السياسي

كتب رئيس التحرير:

رغم التداعيات المتشعبة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لولادة عالم متعدد الأقطاب، ورغم مقاومة القطب الأمريكي الأوحد وحلفائه، ومحاولاتهم دفع العالم إلى محرقة عالمية ثالثة تهدّد مصير البشرية، ورغم المآسي التي حاصرت الشعب السوري منذ بداية الأزمة ومحاولة الغزو والحصار الظالم والعقوبات الانفرادية.. كنا- وكان غيرنا أيضاً- ندعو إلى تغليب الحكمة ومبدأ الحوار، والعمل من أجل حل سياسي للأزمة السورية، يحافظ على السيادة الوطنية وطرد الاحتلال ووحدة الأرض والشعب من جانب، ويضمن الحقوق السياسية والديمقراطية للمواطنين السوريين من جانب آخر.

وتبرز أهمية الحل السياسي اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويعود السبب في ذلك لا إلى أنه المدخل لحقن دماء السوريين فحسب، بل أيضاً لإنهاء معاناة المواطنين المعيشية والاجتماعية، التي وصلت إلى مستويات كارثية.

لقد أكدنا نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، ونكرر اليوم، أنه دون الحل السياسي فإن جميع محاولات إنهاض الاقتصاد السوري، ومعالجة تداعيات الأزمة الاجتماعية والمعيشية لن يكتب لها النجاح.

الأمر هنا لا يتعلق فقط بجهود الحكومات والفعل الداخلي، على افتراض جدّيته، بل بطبيعة النشاط الاقتصادي التي تتعارض مع الحصار والخوف وغياب البيئة الآمنة، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ووجود الاحتلال وبعض المناطق خارج سيطرة الدولة.

عودة سورية إلى الجامعة العربية تمثل خطوة هامة في كسر الحصار، لكنها لا تكفي وحدها لإخراج الاقتصاد السوري من ركوده، فما من اقتصاد ينهض ويزدهر في ظل غياب الوطن الواحد.. الآمن.. السيد، والمتحكم بالثروات الوطنية ومستلزمات تفعيل جميع القطاعات المنتجة في البلاد.

المسألة هنا لا تُحلّ بعصا سحرية، فما راكمته تداعيات الأزمة ومحاولة الغزو من مخلفات سياسية واقتصادية ومعيشية وإنسانية، يحتاج إلى السلم والسيادة وعودة المهجرين وتأمين المناخات المحفزة لإنهاض الاقتصاد السوري بغياب الفساد والمصالح الضيقة والحلول الارتجالية.

إن السعي الجدي من أجل إنجاح الحل السياسي للأزمة السورية، وتوحيد كلمة السوريين عبر حوار شامل، هو العامل الحاسم في إطلاق جهود السوريين الخيّرة، لا من أجل إنهاض اقتصادنا الوطني وإنهاء معاناة مواطنينا المزمنة فقط، بل أيضاً من أجل بناء المستقبل السوري الديمقراطي.. العلماني.

وبانتظار ذلك، فلتتركز جميع الجهود الحكومية لدعم غالبية المواطنين السوريين الذين أصبحوا اليوم في قاع هاوية الفقر.

العدد 1104 - 24/4/2024