الاقتصاد السياحي وتحدّيات السياحة في سورية

سليمان أمين:

الاقتصاد السياحي هو القطاع الذي يعتمد على السياحة مصدراً رئيسياً للدخل. يشمل هذا القطاع العديد من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة، مثل الفنادق والمطاعم والنقل السياحي والتجارة والترفيه والتسوق والأنشطة الثقافية والتراثية والرياضية.

يعتمد الاقتصاد السياحي على جذب السياح وتوفير خدمات متنوعة وجذابة لهم، مما يساهم في زيادة الإيرادات وتحسين الاقتصاد المحلي. ويتطلب الاقتصاد السياحي توفير بيئة ملائمة وجذابة للسياح، وبضمن ذلك توفير الخدمات العامة الضرورية مثل النظافة والأمن والصحة والمواصلات والاتصالات.

ومن أهم مزايا الاقتصاد السياحي:

  1. يساهم في توفير فرص عمل للمجتمع المحلي، ويعزز الاستثمارات في البنية التحتية والخدمات السياحية.
  2. يساهم في تحسين الاقتصاد المحلي وزيادة الإيرادات والوفرة النقدية في المناطق السياحية.
  3. يعزز التفاعل الثقافي والتبادل الثقافي والتواصل بين الثقافات المختلفة ويساعد في تعزيز السلام والتفاهم الدولي.
  4. يشجع على تطوير البنية التحتية والخدمات العامة في المنطقة، ويعزز الوعي البيئي والحفاظ على المواقع الطبيعية والثقافية المهمة.
  5. يعزز التنمية المستدامة ويساهم في توفير فرص اقتصادية للمجتمعات الفقيرة والمناطق النائية.

ومن أهم التحديات التي يواجهها الاقتصاد السياحي، هو التعامل مع التغيرات العالمية وتأثيرها على السياحة، ومن ذلك الأزمات الصحية والأمنية والبيئية، وكذلك التطور التكنولوجي وتغيرات الطلب والتوجهات السياحية. ويتطلب الاقتصاد السياحي التكيف مع هذه التحديات وتحسين الجودة والابتكار في الخدمات المقدمة للسياح.

تواجه سورية العديد من التحديات التي تؤثر على الاقتصاد السياحي في البلاد خلال سنوات الحرب الماضية، ومن أبرز هذه التحديات:

  1. الأوضاع الأمنية بسبب الحرب الذي عاشتها سورية منذ عام 2011 والتي أثرت على معظم مناطق البلاد، مما أدى إلى تراجع كبير في عدد السياح الذين يزورون البلاد.
  2. تدمير البنية التحتية، فقد تعرضت العديد من المنشآت السياحية والأماكن السياحية في سورية للتدمير والتخريب بسبب الحرب، مما يصعب على البلاد استعادة الاهتمام السياحي في المستقبل القريب.
  3. العزلة الدولية، إذ تعاني سورية من عزلة دولية كبيرة بسبب العقوبات والحصار الاقتصادي العالمي الذي أدى لصعوبة جذب الاستثمارات والتعاون الدولي في مجال السياحة.
  4. تردّي الخدمات السياحية، فقد تأثرت الخدمات السياحية في سورية بشكل كبير بسبب الحرب، وتوسع منظومة الفساد والإهمال الكبير الذي أدى إلى نقص في الخدمات السياحية الأساسية مثل النظافة والأمن والصحة والمواصلات والاتصالات الجيدة.
  5. نقص الاستثمارات بسبب تعرض البنية التحتية السياحية في سورية لأضرار كبيرة خلال الحرب، والعقوبات الاقتصادية التي أدت إلى صعوبة استقطاب الاستثمارات اللازمة لتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات السياحية.
  6. تحديات تنظيمية إذ تحتاج السياحة في سورية إلى إطار تنظيمي يحافظ على المواقع الثقافية والتاريخية والطبيعية، ويحميها من التخريب والتدمير الممنهج من قبل الأيدي الخبيثة التي لا يهمها الإرث الثقافي والحضاري، بل جلّ اهتمامها جمع الثروات وتكديسها على حساب الوطن.
  7. غياب التنمية السياحية بسبب إهمال الخبرات المؤهلة القادرة على تقويم العمل السياحي وتطويره بما يناسب متطلبات العصر الجديد.

تطوير القطاع السياحي في سورية وتنميته

يتطلب تطوير السياحة في سورية، تحسين الأوضاع الأمنية واستعادة البنية التحتية السياحية المتضررة، إضافة إلى تحسين الخدمات السياحية وتوفير الاستثمارات اللازمة لتنمية القطاع السياحي. كما يتطلب الأمر العمل على إعادة العلاقات الدولية والامتيازات السياحية العالمية، إضافة إلى تطوير الشبكة الرقمية السياحية بما يتناسب مع التكنولوجيا الحديثة، والعمل على تسويق المنتج السياحي بشكل جديد.

لتحسين القطاع والخدمات السياحية في سورية، يمكن اتخاذ العديد من الخطوات، منها:

  1. تحسين الأوضاع الأمنية بمحاربة الظواهر الغريبة التي خلقتها الحرب من انتشار الكثير من الزعران والمرتزقة الذي باتوا يملكون ثروات كبيرة بسبب الحرب والفوضى التي يخلقونها وإثارة المشاكل، إضافة إلى توفير الاستقرار اللازم للسياح والمسافرين، والمساهمة في إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
  2. يجب التركيز على تطوير البنية التحتية السياحية في سورية وتحسين الخدمات السياحية المتوفرة، وبضمن ذلك تطوير الفنادق والمطاعم والمنتجعات السياحية والأماكن الجذابة للسياح وخصوصاً مناطق الساحل السوري مثل اللاذقية التي تفتقد لأدنى معايير السياحة بسبب الإهمال الكبير للمناطق السياحية في المدينة، وكله بسبب الفساد.
  3. يجب وضع إطار تنظيمي فعال للسياحة في سورية يحافظ على المواقع الثقافية والتاريخية والطبيعية، ويحميها من التخريب والتدمير المتعمد أحياناً بسبب مصالح ومآرب شخصية لبعض المتنفذين. كما يمكن تنظيم الرحلات السياحية وتوفير الخدمات والمرافق المتعلقة بالسياحة.
  4. يجب الترويج للسياحة في سورية عبر وسائل الإعلام والتسويق السياحي وتحسين صورة البلاد على المستوى الدولي وقد كان للإعلام الصهيوأمريكي دور كبير في تخريبها. كما يمكن تنظيم فعاليات سياحية وثقافية وترفيهية لجذب السياح إلى البلاد.
  5. يجب تعزيز التعاون الدولي في مجال السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية لتطوير البنية التحتية السياحية، كما يمكن توفير الدعم الفني والمالي للمديريات والمكاتب السياحية المحلية لتطوير السياحة.
  6. يجب التركيز على تطوير السياحة المستدامة والحفاظ على المواقع الطبيعية والثقافية المهمة، وتوفير الخدمات السياحية بطريقة تحافظ على البيئة وتدعم التنمية المستدامة للمجتمعات المحلية.
  7. تطوير التنمية السياحية والعمل عليها، باستثمار الخبرات وخريجي المعاهد السياحية والفندقية، إضافة إلى الاستفادة من خبرات بعض الدول كمصر على سبيل المثال.

فلنُعِد إلى سوريتنا رونقها السياحي بالعمل الجاد لا بالأمنيات والتمني، فلدى سورية الكثير من الجمال والأماكن التي يمكن إعادة رونقها الجمالي واستثمارها بالشكل الجميل.

العدد 1105 - 01/5/2024