محنة الامتحانات!

أنهى تلاميذ المرحلة الابتدائية عامهم الدراسي بمظاهر احتفالية شاهدناها على أبواب بعض المدارس تخللها تمزيق للكتب والدفاتر والمسودات، وبعد فترة وجيزة استلموا جلاءاتهم وانزاح كابوس الخوف عن صدور هؤلاء التلاميذ وأهاليهم، وكما يقال بقي (الشقا على من بقى)، أي على طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية.

يعيش الطلاب الذين يخوضون امتحانات الشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي في كل عام حالات توتر وترقب وأرق وكوابيس مخيفة، وكذلك أهاليهم الذين لا تقل حالة الاستنفار والتأهب عندهم عن أبنائهم، وقد تكون في بعض الأحيان أكثر، فكثير من الأهالي يصرحون عن حالات القلق والتوتر التي تنتابهم أثناء فترة الامتحانات، وعند بعضهم قد تبدأ منذ بداية العام الدراسي.. وكثيرون من الأهالي يفرضون جواً خاصاً في المنزل بغية توفير الأجواء الدراسية المناسبة، وذلك طبعاً من واقع الخوف والحرص الشديدين على الأبناء ومستقبلهم الدراسي، الأمر الذي يمكن أن نسمّيه محنة الامتحانات.

غالباً ما يقع الطلاب الذين يتقدمون إلى امتحانات الشهادات تحت ضغوط كثيرة من الأهل بالدرجة الأولى، كالتهديد والوعيد والتوبيخ في حال عدم الحصول على درجات عالية، وكذلك من المدرسة والمدرسين والمراقبين أثناء الامتحانات، بالتخويف من حرمانهم من التقدم إلى الامتحانات، في حال نسيان بطاقة الامتحان أو البطاقة الشخصية، أو سحب الأوراق منهم بسبب التفاتة أو استفسار عن سؤال، وكل ذلك يخلق أجواء مشحونة وضغوطاً نفسية على الطالب، وكثيراً ما تحدث بسبب ذلك الخوف حالات إغماء في القاعات الامتحانية أو انهيارات عصبية أو الانسحاب من الامتحان أو محاولات انتحار، وغير ذلك من الحالات الطارئة والمفاجئة التي قد تحدث مع الطالب/ة أثناء فترة الامتحان.

والسؤال: لماذا كل هذا الرعب وهذا الخوف؟ وهل الخوف سبب محفز للنجاح كما يظن البعض؟ أيام قليلة وتنتهي الامتحانات وينزاح هذا الكابوس الثقيل عن صدور الطلاب وأهاليهم، لكن هل تنتهي الأمور عند هذا الحد وتعود الحياة إلى طبيعتها بعد مرور سحابة الصيف الكأداء؟ أعتقد أن الأمر ليس كذلك، لأنه بعد فترة الامتحانات تظهر منغصات جديدة تتعلق بسلالم التصحيح وبصدور النتائج، ثم معدلات القبول الجامعي وتحديد المصير وغير ذلك.

والسؤال.. إلى متى تبقى الامتحانات محنة مليئة بالترهيب والخوف؟ ومتى تستبدل بامتحانات عصرية تعزز الثقة عند الطلاب وتعتمد على الحوار والفهم والمناقشة بعيداً عن الحفظ البصم والتلقين وحشو المعلومات في رأس الطالب؟!

 

محمود هلال

العدد 1104 - 24/4/2024