الخائفون على بقراتهم من الشيوعية

بولس سركو:

(الاشتراكية أن يكون لديك بقرتان، تعطي واحدة لجارك وتحتفظ بواحدة، أما الشيوعية فهي أن يكون لديك بقرتان، تصادرهما الحكومة وتعطيك بعض الحليب).

بهذه التركيبة الساذجة ومضمونها الخبيث التهكمي تصور الدعاية السياسية الغربية فلسفة ماركس وأنجلس ولينين كفلسفة لنهب الملكيات الشخصية للناس، ومع أنها تركيبة قديمة بدليل أن البيان الشيوعي قبل 175 سنة رد عليها بدقة ووضوح وتحديد، لكن علماء النفس الرأسماليين المشتغلين في التخطيط الدعائي ضد الشيوعية مازالوا يكررونها حتى الساعة، فقد انتشرت قبل أيام على مواقع التواصل الاجتماعي بالصيغة المذكورة في المقدمة بسرعة انتشار صورة لمؤخرة (كيم كارديشيان) وشارك في الاستنساخ والترويج الفئات متدنية الوعي والاطلاع، ضحلة التفكير وسطحية المعرفة وذوو النزاعات الثأرية بحكم موروثهم الثقافي الرجعي ومنبتهم الطبقي، والمتيمون بمعلومات الأنترنيت، فاقدة المصداقية والموجهة بفعل الجاسوسية، ولا شك أن أياً من هؤلاء لم يقرأ البيان الشيوعي ولو لمجرد الاطلاع مرة في حياته .

فالدعوة مفتوحة لجميع الخائفين على بقراتهم من الشيوعية لاستعادة ما جاء في الصفحات 68-69-70 من الجزء الأول من مختارات ماركس-أنجلس، القسم الثاني من البيان تحت عنوان البروليتاريون والشيوعيون الذي يقول: (يأخذون علينا نحن الشيوعيين أننا نريد محو الملكية المكتسبة شخصياً بالعمل)، ثم يميز البيان بين أشكال الملكية فيعتبر ملكية البرجوازي الصغير والفلاح الصغير لا تساوي إلا ما يلزم للاحتفاظ بوجود هزيل هي ملكية لحفظ الحياة وتكثيرها، فالشيوعية لا تمحو هذا النوع من التملك الشخصي ولا بشكل من الأشكال، أما النوع الذي يجب محوه ويصفه البيان بالكئيب الظالم فهو أسلوب التملك البرجوازي الذي شرط وجوده هو أن تكون الأكثرية محرومة من أي ملكية، هو الأسلوب الذي يجعل العامل يحيا فقط بمقدار ما تتطلبه مصالح الطبقة الحاكمة.

إن الشيوعية تريد محو هذا الشكل من الملكية التي تستثمر العمل المأجور وتستعبد عمل الغير لكنها لا تسلب أحداً القدرة على تملك منتجات اجتماعية وهذه بديهيات بدائية لا وقت لتكرارها بوجود أولويات تحديث القراءة الماركسية لواقع القرن الحادي والعشرين لولا ضرورة التصدي في الوقت نفسه للكم الهائل من التضليل الذي يستهدف إغراق الأجيال الصاعدة في المجرى العكر المتجه نحو العبودية والجهل والتخلف.

وفي النهاية لا بد من التأكيد أن الشيوعية لو وجدت لسلب الناس أملاكها وحقوقها لكان أول معتنقيها والمدافعين عنها هم الرأسماليون، ولسنا نحن.

العدد 1104 - 24/4/2024