قرارات رفع الأسعار.. لماذا لا تقابلها زيادات في الرواتب والأجور؟

السويداء- معين حمد العماطوري:

يطرح المواطنون أسئلة مشروعة حول القرارات التي لا تصدر إلا ليلاً، وهو سؤال بات يشكل الليل وسكونه اضطراباً وخوفاً في نشر ثقافة الاكتئاب عن طريق رفع معدلات التفكير اليومي في البحث عن لقمة العيش، وهذا الأمر يتفاقم بعد رفع سعر البنزين والغاز المترافق مع قرار رفع أسعار جميع المواد الغذائية المنقولة وغير المنقولة، ولكن الشجن يكمن في سؤال: لماذا لم يسطع بعد فجر رفع الرواتب؟

بات يقيناً أنه بعد منتصف الليل هناك خازوق مهيأ من خوازيق مسبقة الصنع للمواطن المحلزن برفع الأسعار دون رحمة أو شفقة أو تفكير بمستوى المعيشة، ولعل تلك الليلة من المشاورات خلصت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى نتائج بوجوب إصدار قرار يقضي بتحديد سعر مبيع البنزين أوكتان 95 بـ(7600) ل. س، ورفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي المدعوم إلى 15000 ل. س، وتحديد سعر أسطوانة الغاز المنزلي بالسعر الحر من داخل البطاقة أم من خارجها 50 ألف ل. س، وأيضاً سعر أسطوانة الغاز الصناعي 75 ألف ل. س.

فقد أعلنت الحكومة في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين 22 أيار تحريك أسعار البنزين والغاز المنزلي بنسب تتراوح بين 20 و30%، وتأتي زيادة أسعار البنزين في وقت تحاول الحكومة فيه خفض فاتورة المشتقات النفطية، التي تحمّل الموازنة العامة للبلاد أعباء مضاعفة وفي وقت يشهد فيه الاقتصاد السوري العديد من الأعباء.

علماً أن سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السورية تجاوز حاليًا 9200 ليرة سورية، مقابل 50 ليرة في 2011.

الزيادة الثانية للمحروقات خلال عام 2023:

زيادة أسعار البنزين في سورية هذه هي الثانية خلال العام الجاري (2023)، إذ رفعت الحكومة السورية في 3 كانون الثاني الماضي أسعار لتر البنزين أوكتان 95 إلى 5750 ليرة، وهي ترفع تحت ذريعة المشتقات النفطية. يصل سعر لتر البنزين العادي في السوق السوداء إلى نحو 10 آلاف ليرة، في حين يبلغ سعر لتر المازوت (الديزل) نحو 10 آلاف ليرة.

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد رفعت، في كانون الأول، أسعار الوقود في سورية للمرة الرابعة خلال 2022، إذ ارتفعت أسعار البنزين المدعوم- أوكتان 90 إلى 3 آلاف ليرة سورية بدلًا من 2500، في حين ارتفع سعر لتر البنزين الحر إلى 4900 ليرة بدلًا من 4 آلاف، وجاءت زيادة كانون الأول بعد زيادة ضخمة شهدتها أسعار الوقود خلال شهر آب من عام 2022، عندما رفعت سعر البنزين المدعوم بنحو 130%، من 1100 ليرة مقابل اللتر الواحد إلى 2500 ليرة، في وقت تعيش فيه البلاد أزمات متتالية مع ارتفاع الأسعار ونقص المحروقات وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة.

وتعلّل الحكومة قرارتها التعسفية برفع أسعار البنزين أنه محاولة لتقليل الخسائر الهائلة في موازنة النفط وضمان لعدم انقطاع المادة أو قلة توافرها. ونسب الفساد بتزايد والأغنياء وتجار السوق السوداء المعروفين بتزايد.. ولا قدرة لها على المكافحة، ذلك أن الفساد بات أقوى من مكافحته.

لم تراعِ الحكومة مدى انعكاس ارتفاع سعر الغاز والبنزين، على مجموعة كبيرة من المواد المعتمدة في إنتاجها على هاتين المادتين، فمنذ اليوم الأول من تنفيذ القرار شهدت ارتفاعات فوضوية للعديد من المواد الغذائية بحجة ارتفاع سعر أسطوانة الغاز، كذلك أكد أكثر من مواطن أن الناقل رفع السعر من ١٥ ألفاً كما ورد في القرار إلى 18 ألفاً مما جعل هذا اليوم يوماً للمهاترات والنزاعات بين المواطنين وناقلي الغاز وبائعي المواد الغذائية، الأمر الذي أثر على أجور النقل، فالسائقون رددوا: ما حدا أحسن من حدا، وقد وجدوا في قرار رفع سعر البنزين ضالتهم ليبرروا لأنفسهم ويشطحوا بأسعار أجور كما يشاؤون.

الشارع في السويداء يصرخ: تستطيعون رفع الأسعار دون دراسة لقيمة المواطن وانعكاس مردودها السيئ على معيشته، أما زيادة الرواتب فتحتاج لسنوات من الدراسة!!

لقد وقف راتب ذوي الدخل المحدود مذهولاً من الشلل التام الذي أصابه وأفقده قيمته وقدرته على تأمين احتياجات الأسرة ليومين، والسؤال لضمير الحكومة: كيف يستقيم رفع أسعار كل شيء مع بقاء الراتب في حالة اضمحلال وتراجع؟

وكيف لأي أسرة أن تستمر بهذا الأجر الزهيد الذي لا يؤمّن قوت يومهم الأول من كل شهر؟

لقد حذرنا مراراً من ثورة الجياع.. وما زلنا نحذر.. لا تجعلوا قيود الحليم تنفجر.. وعلى حد قول فولتير: (إن الذين يستطيعون أن يجعلوك تؤمن بالسخافات، يستطيعون أن يجعلوك ترتكب الفظاعات).

العدد 1104 - 24/4/2024