القرارات الليلية السوداء للحكومة.. إلى متى؟

رمضان إبراهيم:

لا يزال الواقع الاقتصادي اللعين يرخي بكامل ثقله على حياة المواطن السوري الذي تحمّل ما لا يمكن لمخلوق أن يتحمله. وإذا كان الإرهاب الذي أرعب السوريين على مدى سنوات، وأدخلهم في دوامة صراع طويل الأمد تعددت تصنيفاته وألوانه داخلي وخارجي، لم يكد هذا الإرهاب ينحسر تحت إصرار الشرفاء بالوطن على استكمال النضال والتصدي له بكل تفاصيله، حتى أطل برأسه إرهاب آخر ربما لا يقل فتكاً عن سابقه وتمثّل في الإرهاب الاقتصادي الذي لم يقف عند العوامل الخارجية له، بل شاركته عوامل داخلية أيضاً تمثلت في فرض القيود والقوانين الجائرة على المستوردين والصناعيين وأصحاب رؤوس الأموال إضافة إلى تذبذب سعر الصرف والتلاعب الدائم بسعر الدولار وغيرها وغيرها من المنغصات التي يشتكي منها المستوردون ولكن دون فائدة.

إن المتابع للحالة المعيشية لمعظم الأسر السورية يدرك حجم المعاناة وهول الكارثة التي يرضخ هذا المواطن تحت ثقلها دون أن يفكّر أي مسؤول بالتخفيف من حدتها ومن سطوتها، بل إن ما يؤلم أكثر وأكثر هو قرارات هذه الحكومة التي تأتي ليلاً لتصفع المواطن لمجرد أنه فتح عينيه بانتظار يوم أفضل أو غد مشرق.

وإذا كانت الحكومة السابقة والحكومة الحالية قد تغنّتا بالدعم وبالسعي لتحسين الوضع المعيشي إلا أن الواقع على الأرض يكذب ادعاءاتهما، فالغلاء المستشري يلتهم دخل رب الأسرة الموظف أو الحرفي مهما بلغ، فما بالك بمن لا دخل لهم؟! والزيادات التي أتت على الراتب لتنتشل هذا المواطن من حفرة الغلاء عمقت همومه وزادت مشاكله خاصة أن الزيادة على الأسعار في كل مرة كانت أضعاف مضاعفة للزيادة على الراتب.

والمتابع لعمل الفريق الحكومي منذ بداية الأزمة يكتشف حجم التخبط في القرارات، فقد اتخذت عشرات القرارات ثم جرى التراجع عنها قبل أن يجف مدادها دون أي تبرير لهذا، باستثناء قرارات زيادة الاسعار الليلية على معظم السلع التي تدعي الحكومة أنها تدعمها والتي ابتدعت من أجلها البطاقة الذكية التي لم تكن ذكية إلا في زيادة عدد الطوابير وزيادة المواد التي تباع بالسعر الحر.

قرارات ليلية وقرارات نهارية وجلّها تصب في عكس مصلحة المواطن، فهل الحكومة الحالية التي يفترض أن تكون حكومة لحل أزمة المواطن جاءت واستمرت في عملها لتزيد من أزمته أزمات، ولتتسبب بالعديد من حالات الهجرة التي أفرغت مواقع الإنتاج من أهم كوادرها في مختلف المجالات!؟ فإلى متى نبقى رهينة هذه الحكومة وقراراتها الليلية السوداء!؟

العدد 1104 - 24/4/2024