من القمح الى التصنيع الزراعي

فؤاد اللحام:

أثار قرار الحكومة الأخير بتحديد سعر شراء كيلو غرام القمح بـ 2300 ل.س لموسم 2023 ردود فعل وآراء متباينة تراوحت بين القبول المتحفظ والانتقاد، سواء لعدم تغطيته التكاليف الحقيقية أو لانخفاضه عن الأسعار العالمية. الأمر الذي يثير مخاطر حول عدم إنتاج الكميات المتوقعة من القمح أو كالعادة – وهو الأهم – انخفاض الكميات المسوقة منه من قبل الجهات الحكومية، وبالتالي عدم القدرة على تأمين الكميات اللازمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة سواء لإنتاج الخبز أو لإنتاج المنتجات الغذائية الأخرى التي تعتمد أساساً على القمح.

وضع القمح كمحصول استراتيجي ينقلنا إلى موضوع التصنيع الزراعي والمشاكل المستمرة التي تواجهها عملية التصنيع الزراعي وبشكل خاص المحاصيل الأساسية كالقطن والتبغ والشوندر.

فالكميات المنتجة والمسوقة فعلياً من المنتجات الزراعية اللازمة للتصنيع الزراعي تتراجع باستمرار، سواء بسبب الأحوال الجوية أو عدم توفر المحروقات والبذار والأسمدة والأدوية وغيرها بالكميات والأسعار المناسبة وفي الأوقات اللازمة. أو، وهو الأهم، عدم تحديد السعر المناسب الذي يشجع المزارعين على زراعة هذه المحاصيل وتسليمها للجهات الحكومية المعنية.

وكما بات معروفاً للجميع، فإن التراجع الكبير في كميات القمح والقطن والشوندر المسوّق إلى الجهات العامة أدى إلى تراجع إنتاج الغزول القطنية والدقيق والسكر والزيوت، وبالتالي تدني نسبة الاستفادة من طاقة المعامل التي تستخدم هذه المنتجات كمدخلات إنتاج وارتفاع تكاليف إنتاجها، ومن ثم ارتفاع اسعارها وتراجع قدرتها التنافسية كما حدث مؤخراً بأسعار الغزول القطنية.

لكن الأمر لا يقتصر فقط على تراجع الكميات المنتجة من هذه المحاصيل بل أيضاً يصل إلى تدني نوعيتها، وهو مثار شكاوى الجهات العامة والخاصة العاملة في حلج القطن إلى غزله ونسجه، وكذلك مردود هذه المحاصيل كما حدث مؤخراً بموضوع السكر المنتج من الشوندر هذا العام، وتبادل المسؤولية عن ذلك بين الجهات المعنية في وزارة الصناعة ووزارة الزراعة.

إذاً، المشكلة تتمركز حول توفير الكمية والنوعية المطلوبة من هذه المحاصيل. وبالتالي لابد من اتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة هذين المكونين، سواء بتحديد سعر مشجع لهذه المحاصيل، أو بتوفير مستلزمات الإنتاج الأخرى بالكميات والنوعية والأسعار والأوقات المناسبة. وبالتأكيد فإن السعر المناسب والمشجع لا يقتصر فقط على تغطية التكاليف قبل بدء زراعة هذه المحاصيل، بل لابد من تعهد الجهات العامة المعنية بتغطية أية زيادات تطرأ على تكاليف هذه المحاصيل من زراعتها حتى موعد تسليمها من المزارعين إلى تلك الجهات.

العدد 1104 - 24/4/2024