المبررات الحكومية لم تعد تجدي أمام الكارثة المعيشية
سليمان أمين:
مازالت المبررات الحكومية تتصدر قائمة تصريحاتها اليومية منذ سنوات، معلّقةً فشلها الذريع، في إدارة الأزمة المعيشية والخدمية وفي وضع خطط تنموية علاجية طارئة، على الحصار والمؤامرات وقانون قيصر وغيرها من المصطلحات والمفاهيم التي خلفتها الحرب والفوضى الحاصلة لسنوات طويلة، وقد كتبنا مراراً وتكراراً عن هذا الموضوع، فلا يمكن أن تقنعنا اليوم الحكومة بمبرراتها في ظل دخول مواد الرفاهية بأحدث طراز لها وآخر صيحات الموضة بمختلف أنواعها للسوق السورية، مع تراجع كبير للمواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعارها الهستيري بمعدلات فاقت ثلاثة أضعاف سعرها في الأسواق الخارجية، كحال الزيوت والحبوب والبقوليات والسكر وغيرها الكثير من المواد الأخرى التي يحتاج لها المواطن بشكل يومي في معيشته، كما لاحظنا خلال الآونة الأخيرة حالة الفلتان الكبيرة التي تعيشها أسواقنا السورية التي بات يحكمها عصابة من التجار ولصوص الحرب والأزمات المتحكمين في كل شيء، في ظل ضعف الأداء الحكومي وغياب كامل للرقابة الحكومية على الأسعار، وما تتحفنا به وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من تصريحات ونشرات سعرية لا وجود لها على أرض الواقع نهائياً. فغياب الوزارة بمديرياتها ومؤسساتها بات واضحاً وجلياً من حالة الفوضى الكبيرة التي تعيشها الأسواق اليوم، فكل محل يبيع المادة بسعر مختلف عن الآخر دون أي روادع، وموظفو التموين لا يهمهم لا الجودة ولا السعر، وبات عملهم وشغلهم الشاغل غالباً هو تأمين أكبر مبلغ يومي من المحلات التجارية بالمساومات وغيرها، فعلى سبيل المثال تعيش اللاذقية حالة فلتان سعري كبيرة في الأسواق دون أي ضوابط ونشرات سعرية واضحة، وخصوصاً محلات اللحوم والدجاج والألبان وغيرها من محلات السلع الاستهلاكية الأخرى ومخابز الكعك والصمون التي لم تلتزم أغلبها بتسعيرة التموين الأخيرة، فالفوارق كبيرة جداً في التسعير وتتراوح بين محل وآخر بفارق آلاف الليرات وأكثر.
التخبطات الكبيرة التي تعيشها أسواقنا اليوم العاجزة عن تأمين مستلزمات المواطنين الأساسية بأسعار مقبولة تكمن في تدمير الإنتاج السوري بكل مجالاته وأوله الإنتاج الزراعي والحيواني، الذي يعتبر العمود الفقري في تأمين المواد الأولية للصناعات الغذائية التي تنعش السوق وتعمل على تحقيق نمو جزئي في اقتصاد السوق، والسؤال الأهم: ماذا فعلت الحكومة خلال هذه السنوات لإعادة عجلة الإنتاج ولو بشكل بسيط ودعمها، بعد أن تم تدميرها بقرارات تعسفية قاتلة منذ أعوام مضت؟ إن النمو الاقتصادي لبلد كسورية نواتُه الأساسية هي الزراعة والصناعة في ظل الأزمة العالمية الحالية، فما هي الخطط التي جرى وضعها حتى اليوم وطرحها ودعمها لتحسين واقع النمو الاقتصادي وتحسين الواقع المعيشي في ظل التقدم التكنولوجي والعلمي الذي يعيشه العالم اليوم؟
النمو الاقتصادي
يعتبر معدّل النمو الاقتصادي أحد أهم المؤشرات الاقتصادية، ويُعرف بأنه مجموع القيم المضافة إلى كل وحدات الإنتاج العاملة في فروع الإنتاج المختلفة في اقتصاد معين، مثل الزراعة والصناعة. وتمثل القيمة المضافة لوحدة إنتاجية معينة الفرق بين قيمة إجمالي الإنتاج لهذه الوحدة وقيمة السلع والخدمات الوسيطة المستهلكة في ذلك الإنتاج. كما يعرف النمو الاقتصادي بأنه تغيير إيجابي في مستوى إنتاج السلع والخدمات بدولة ما في فترة معينة من الزمن، ولذلك يعني النمو الاقتصادي بشكل عام زيادة الدخل للدولة، وتعتبر الزيادة في رأس المال والتقدم التكنولوجي وتحسن مستوى التعليم هي الأسباب الرئيسية للنمو الاقتصادي.
يعمل النمو على زيادة في كمية السلع والخدمات، وهذه السلع يتم إنتاجها باستخدام عناصر الإنتاج الرئيسية، وهي الأرض والعمل ورأس المال والتنظيم، فالأسس الأساسية لبلد كسورية موجودة لكن يغيب عنها التنظيم والاهتمام الحكومي والقرارات العلمية المدروسة بشكلها الصحيح الذي يعمل على إعادة تنشيطها بدعمها بشكل كبير وتفعيل اليد العاملة كما كان قبل عام 2008.
إن تحقيق التنمية الاقتصادية يحتاج إلى زيادة النمو الاقتصادي ولكن هذا النمو يكون مرتبطاً بإحداث تغيرات نحو الأفضل في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة مع التنسيق فيما بينها، وأبرزها التعليم والصحة والتوظيف، ولا يمكن تحقيق التنمية بالتصريحات والمبررات التي يطلقها مسؤولونا بمختلف شرائحهم الوظيفية، فنحن اليوم أمام كارثة مخيفة وكبيرة وهي الجوع والتشرد والفقر وهي تحتاج إلى حلول علاجية سريعة قبل أن يصبح سرطان الفقر قاتلاً لما تبقى في المجتمع.
++++++++++++++++++++++++
- النمو الاقتصادي لبلد كسورية نواتُه الأساسية هي الزراعة والصناعة
لا يمكن تحقيق التنمية بالتصريحات والمبررات التي يطلقها مسؤولونا بمختلف شرائحهم الوظيفية