زلازل متعددة.. متى الخلاص!؟

رمضان إبراهيم:

الزلزال المدمر الذي أصاب عدة محافظات بأضرار كارثية، كما حدث في حلب واللاذقية، لم يكن الزلزال الأول في حياة المواطن السوري، فمنذ أكثر من عقد ونحن ننتقل من زلزال الى آخر ابتداء بالإرهاب اللعين مروراً بالجوع والعوز والفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة لدرجة لا يمكن للعقل البشري أن يتخيلها.

وبالعودة إلى الزلزال الذي مازال المواطن يعيش هاجس الهزات الارتدادية التي تلي الزلزال عادة، فربما كان الأول من حيث حجم الدمار وبالتالي عدد الأُسر المشرّدة والتي باتت دون مأوى وربما دون معيل. وإذا كانت الأفراح مناسبة يلتقي فيها المحبون فإن الآلام مناسبة أيضاً لإظهار الوجه الإنساني والاجتماعي والرقي الأخلاقي وإحساس الإنسان بمصيبة أخيه الإنسان، وربما انطلاقاً من هنا كانت سورية بمثابة خلية نحل كل بحسب قدرته وطاقته، ولم ينتظر أبناء الوطن الهيئات والمنظمات الإغاثية، فسمعنا عن جمعيات خيرية وفرق لجمع الإعانات والتبرعات وانطلقت قوافل المحبة تبلسم جراح من فقدوا أحبتهم وبيوتهم وممتلكاتهم، ما خفّف من هول الفاجعة.

ومدينتي مدينة الدريكيش كان لها حصة من هذا، إذ استقبلت الكثير من العائلات الوافدة من حلب بعد أن تهدمت منازلها أو باتت آيلة للسقوط نتيجة الزلزال المدمّر، ومنذ وصولهم تم استقبالهم مجاناً في فندق روز ماري السياحي الذي تستثمره الشركة السورية للنقل والسياحة من مجلس المدينة، وقدمت لهم كل الخدمات والمساعدات إضافة إلى الطعام بكل أصنافه وكأنهم في بيوتهم.

العائلات تحدثت لنا بألم ومرارة عن اللحظات التي مرت عليها خلال وقوع الزلزال وكيف هربوا بثياب نومهم إلى الشوارع مع أولادهم قبل أن تنهار مساكنهم على رؤوسهم، ثم كيف فكروا بالمجيء إلى الدريكيش كونهم كانوا من روادها خلال الحرب، ثم خلال الصيف إضافة إلى بقاء بعض أقاربهم فيها. وذكرت إحدى العائلات أنها عند وصولها الى الدريكيش حضرت إلى فندق روز ماري التابع لوزارة السياحة لتحجز فيه وتبقى بضعة أيّام لحين معرفة ماذا ستفعل، إلا أن إدارة الفندق قالت لهم أنتم ستكونون ضيوفاً معززين مكرمين في الفندق وبإمكانكم إبلاغ أي عائلة أتت من حلب للمجيء للفندق والنزول فيه مجاناً مع الطعام والشراب وكل الخدمات وهذا ما حصل، فقد وصل عدد العائلات إلى 15 عائلة وبعدد لا يقل عن ستين مواطناً بين رجل وامرأة وأطفال.

وأكدت العائلات أن ادارة الفندق والأمانة السورية للتنمية والعرين والبتول والهلال وبعض أهالي الدريكيش قدموا لهم إعانات مختلفة منذ وصولهم.

مدير الفندق السيد علي ديوب قال لنا: بعد الزلزال بيوم قمنا بوضع الفندق بخدمة أي عائلة متضررة – بعد اعلام مدير عام السورية للنقل والسياحة- كنوع من امتصاص الصدمة وتأمين مأوى إسعافي ريثما يتم تأمين مأوى مناسب من قبل الجهات المختصة، وفعلاً قمنا باستقبال العوائل المتضررة وكان أغلبها من مدينة حلب بعد إبلاغ الجهات المختصة، وكذلك قمنا بالتنسيق مع الأمانة السورية التي لبت النداء وقدمت مساعدات إسعافية مباشرة، وكذلك قمنا بإبلاغ المحافظة التي كلفت نائب المحافظ وعضو المكتب التنفيذي لشؤون الإغاثة ومديرة الشؤون بزيارة العائلات التي استقبلناها في الفندق واستمعوا إلى مطالبهم ووجهوا الهلال الأحمر وشركة سادكوب بتأمين احتياجاتهم وقدمنا الإقامة في الفندق مع كامل الخدمة، وكذلك قمنا بتقديم وجبات للعوائل عند وصولها، وكذلك سخرنا مطبخنا لاستقبال التبرعات الغذائية وتصنيع الوجبات يومياً. أما بالنسبة لأصحاب التبرعات المادية فقد طلبنا منهم التبرع في حسابات الأمانة السورية للتنمية وهي تقوم بالباقي، فهي الأكفأ بادارة هذا الملف علماً أن أحد فاعلي الخير حضر وقدم مساعدات مالية مباشرة لكل عائلة من العائلات العشرين.

المحامي محمد الجعفوري (رئيس مجلس مدينة الدريكيش) أكد أن مدينة الدريكيش منذ وقوع الزلزال وبتوجيهات من المحافظ وبإشراف عضو المكتب التنفيذي المهندس محمد المحمد استنفرت كل كوادرها وآلياتها ورفعت جهوزيتها وقامت بتشكيل لجان لمسح الأضرار واستقبال طلبات الإخوة المواطنين للكشف على منازلهم المتضررة.

وبمبادرة كريمة من مستثمر فندق الروز ماري وبتوجيه من السيد المدير العام للشركة السورية للنقل والسياحة تم استقبال العائلات الوافدة المتضررة من الزلزال القادمة من مدينة حلب بالفندق وبالتعاون ما بين مجلس مدينة الدريكيش والأمانة السورية والمستثمر، حيث تم استقبالهم وتامين احتياجاتهم من أغذية ودواء ولباس وأغطية.

ومجلس مدينة الدريكيش وبالتعاون مع المجتمع المحلي والمحافظة والجمعيات الخيرية يقوم بكل ما يلزم لتلبية احتياجات إخوتنا المتضررين من الزلزال حسب الإمكانات المتوفرة، وهو في حالة استنفار دائمة لحين زوال هذه الكارثة عن بلدنا الحبيب، إضافة إلى كل ذلك فقد قام السيد نائب المحافظ حسان نعوس وعضو المكتب التنفيذي هاني خضور بزيارة الفندق ومقابلة العائلات الوافدة المتضررة وسؤالهم عن احتياجاتهم وتلبيتها بالتعاون مع العرين والأمانة السورية والهلال الأحمر والبتول.

وحالياً يقوم مجلس مدينة الدريكيش وبالتعاون مع نقابة المهندسين الزراعيين في مدينة الدريكيش بإحداث مركز إيواء في مبنى نقابة المهندسين الزراعيين في الدريكيش وتجهيزه لاستقبال حالات الإخلاء للمنازل المتضررة من الزلزال في مدينة الدريكيش.

 

العدد 1105 - 01/5/2024