أعظم كنوز الله على الأرض

تهامة الدعبل:

لا أحد منّا يريد أن تذهب حياته سُدىً دون الحصول على لحظات سعيدة يكون راضياً عنها حين يكون على فراش الموت ويتذكر شريط حياته. وقد باتت مواقع التواصل الاجتماعي تضج بكثير من العبارات التحفيزية، وكثيرون ما عادَت تُرضيهم أحلام الجيل الماضي كالزواج والإنجاب والحصول على وظيفة مرموقة نتيجةً لتطور الحياة وتغيّر مجرياتها، وما فتحته مواقع التواصل الاجتماعي من مقارنات غالباً ما تكون وهمية ومبالغاً فيها، فأصبحنا نطمح للسفر إلى أنحاء العالم وامتلاك حساب مصرفي ضخم وإنشاء مشروع خاص بنا.

كلنا نريد الوصول إلى النجاح، لكن أحداً منّا لا يريد تغيير نمط حياته ليناسب هذا النجاح، في حين أن الحقيقة التي علينا إدراكها هي أن النجاح لا يكون وليد اللحظة ولا يأتي مصادفة، بل هو نتاج رحلة طويلة من الوعي وتطوير الذات واكتساب عادات فعّالة تُعيننا على تحقيق النجاح المنشود، ولعلَّ أهم هذه العادات هي استثمار الوقت، فالوقت من أعظم الكنوز التي أهداها الله لنا، لكننا لا نتوقف عن التذمّر من عدم وجود وقت كافٍ، ونستمر بوضع الحجج والمسوّغات لكسلنا حتى نرى سنوات عمرنا قد مضت دون تحقيق نجاح يُذكَر، في حين أنَّ أشخاصاً آخرين قد منحهم الله الوقت ذاته ويتألف يومهم من الأربع وعشرين ساعة ذاتها، لكنهم استثمروها بفاعلية وصنعوا مجداً سيتذكّره التاريخ للأجيال القادمة، مثل كريستيانو رونالدو، ود. إيهاب حمارنة، ومحمد صلاح وغيرهم.

وهنا سيقف أحدهم ليقول: (هؤلاء قد كتب الله النجاح لهم ومنحهم حظاً وفيراً)، لكن الله أعدل من أن يمنح نعمته لشخص دون أن يمنحها لغيره، وكل ما عليك هو النظر إلى هذه النعم وإدراكها واستثمارها على نحو فعّال، فالوقت طويل جديد بدليل أنك حين تقف على إشارة المرور ولديك موعد ضروري قد تأخّرت عنه ستشعر أنَّ هذه الدقيقة تكاد لا تمضي، فماذا لو استثمرت هذه الدقيقة بما يفيدك ويثري عقلك ومعرفتك؟

لقد أثبت الباحثون أن إهدار الوقت هو أحد مسبّبات الاضطرابات النفسية والدخول في حالة من الاكتئاب والعزلة، لما يسبّبه من إحساس بالكسل والفشل وعدم الفاعلية، ممَا يفقد الشخص تقديره لذاته ولعمره وزمانه.

فإن أردت الوصول إلى النجاح فلا يكفي أن تنشر في حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات تحفيزية تدل على النجاح؛ وإنما لا بد من اكتساب نمط حياة متكامل يقودك إلى النجاح الساحق، وأول ما عليك فعله هو استثمار وقتك بفاعلية.