بارك الله ببيت خرج منه بيت!

وعد حسون نصر:

(بارك الله ببيت خرج منه بيت!) عبارة شعبية كانت وما زالت تُردَّد على شفاه الأهل مباركة بالزواج، وتأسيس أسرة جديدة خرجت لتستقل عن بيت الأهل، إذ بالنهاية لا بد من استقلال الأبناء عن الأهل ليصبحوا هم أيضاً آباء وأمهات لهم استقلاليتهم ومنازلهم الخاصة.

في الماضي، لم تكن تكاليف الزواج والرغبة بإنشاء أسرة تثير الاهتمام كثيراً لكثرة المصاريف وما شابه، بل على العكس تكون بمثابة فرحة يساهم الجميع في صنعها، بأقل تكلفة وضمن الإمكانيات بما يرضي الطرفين. أما اليوم فقد بات هذا الاستقلال مُكلفاً، فقد دخلت عادات جديدة على طقوس الزواج، إذ أصبح العروسان وذووهم كل منهم يستعرض ترفه بهذا الزفاف، منهم من يريد أن يجعله أسطورياً، ومنهم من يرغب بأن يكون عبر دعوات محدودة، ومنهم من يُبالغ في مستلزمات العرس من حيث اللباس والزفّة والطاولات والزينة وغيرها، ومنهم من يرغب بأشياء وأشياء ومراسم كثيرة، بالتالي يصبح الزواج طقساً يلعن فيه الشخصان ارتباطهما معاً لتأسيس أسرة، فلماذا لا نجعل هذا الارتباط مباركاً ببساطته، وخاصة في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة وغلاء  الأسعار لكل من الأثاث والذهب والملابس وحتى أجور زينة العروس والضيافة، إضافة إلى غلاء أجور السكن!؟ ولماذا لا يقتصر على حفلة صغيرة تجمع الأهل بأقلِّ التكاليف، لتكون بمثابة تشجيع للشباب على الارتباط والاستقلال وتأسيس أسرة متوافقة؟ لماذا لا نسهم كأهل بمساعدة أبنائنا على إكمال مسيرة حياتهم بشكل سليم وخاصة بعد اختيار الشريك المناسب، نساعدهم على بناء سعادتهم ضمن ما يرضي الجميع، فنجعل البساطة بداية المشوار، وليكن حفل الزفاف ذكرى جميلة تجمع صور الأهل وخاتم الارتباط ممزوجاً بتوافقنا، وإن لم يكن من الذهب الخالص!؟

بيتنا هو الراحة حتى وإن كان غرفة بسيطة بفرش بسيط، فإذا وجد الانسجام والاحترام مع الحب قد نصنع منها حياتنا الأسطورية، وإن بدأت في كوخ، فلنبارك لأبنائنا سعادتهم بالوقوف إلى جانبهم دون تعقيد وتعجيز وفرض طقوس قد تزول بمجرّد نشوب خلاف.

العدد 1105 - 01/5/2024