اليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ المرأة

بانقضاء العصر الأمومي الذي سادت فيه المرأة على مختلف مناحي الحياة، سُلبت منها حينذاك وحتى اليوم غالبية حقوقها، وتهاوت مع تقسيم العمل وظهور الطبقات الاجتماعية التي أفرزها ذلك التقسيم المُستند إلى القوة المادية_ الاقتصادية، الجسدية والعضلية.

منذ ذلك التاريخ لازم الاضطهاد والعنف والتمييز المرأة في مختلف مناحي حياتها، وأصبح سمة أساسية من سمات التعامل معها لدى مختلف الشعوب. لذا، وانطلاقاً من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان حُدِّد يوم 25 تشرين الثاني من كل عام يوماً عالمياً من أجل رفع العنف والتمييز عن المرأة، والذي أقرّته الأمم المتحدة عام 1999 بالقرار (54/134) حيث دعت الحكومات، والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية، لتنظيم نشاطات ترفع من وعي الناس حول مدى حجم القضية وتأثيرها على المجتمعات كافة، وكذلك على خطط التنمية الحكومية في جميع البلدان.

ويعتبر هذا اليوم مناسبة للوقوف على معاناة النساء المتمثلة بأنواع مختلفة ومتعدّدة من العنف الجسدي والنفسي والمعنوي… الخ، كما تُعتبر فرصة لحثَّ المسؤولين على اتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بالاستئصال والقضاء النهائي على ظاهرة العنف ضدّ المرأة، ذلك أنّ ثُلث نساء العالم على الأقلّ تعرّضن ويتعرّضن يومياً للضرب أو سواه من أشكال سوء المعاملة مرّة في حياتهن، ومن أقاربهن على الغالب.

وقد عرّف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة بأنه: (أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يُحتمل أن ينجم عنه أذىً أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة).

لقد صادقت الحكومة السورية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إلاّ أن التشريعات المعنية بها ما زالت غير متلائمة وتلك الاتفاقية من جهة، ومن جهة أخرى لا تزال التحفّظات الموضوعة على المواد الهامة والأساسية في الاتفاقية تُفقدها معناها، وتبدّد الجهود الرامية إلى إعطاء المرأة حقوقها في المجتمع من أجل التصدي لهذه الظاهرة.

إن الواقع الراهن يؤكّد أنه ما زال يتعيّن علينا القيام بجهود جبارة للقطع مع مختلف سلوكيات العنف الأسري، وهذا بالطبع يحتاج إلى تحرّك الجميع بصفة سريعة وجدية لوقف ارتفاع معدلاته.

وانطلاقاً من هذا، ولإيمان صحيفة (النور) بحقوق المرأة وضرورة رفع كل أشكال العنف والتمييز عن كاهلها، لتكون قادرة وفي كل المجالات على المساهمة والمشاركة الفعلية والجادة في بناء الإنسان والأوطان، ارتأت أسرة تحرير (النور) المساهمة في تغطية الحملة العالمية لإنهاء العنف والتمييز ضدّ النساء والتي تمتد لأسبوعين تبدأ في الخامس والعشرين من تشرين الثاني الجاري. وتدعو جميع مَن يكتبون/ يكتبن والمهتمّين/ات، للمساهمة في تغطية هذه الحملة.

فلترفع جميع النساء الصوت في كل مكان، رافضاتٍ العنف بكل أشكاله وتجليّاته مهما كان مصدره قريباً لانتمائهن العائلي أو الروحي.. وليُردّدن جميعاً: لا.. لا، لكل أشكال العنف ضدّ النساء في كلّ مكان في الأرض!

العدد 1105 - 01/5/2024