ماذا يجري في مديرية الخدمات والصيانة في اللاذقية؟

سليمان أمين:

الواقع الخدمي في اللاذقية من سيّئ إلى لأسوأ، ولعل غرق لشوارع المدينة الداخلية بسبب تساقط الأمطار، الذي حصل منذ أيام، يدل على الخلل والإهمال الكبير التي تعاني منه مدينة اللاذقية في صيانة البنى التحتية الخدمية، وذلك نتيجة الفساد المتراكم وسوء الإدارة في مجلس المدينة، وخصوصاً مديرية الخدمات والصيانة وما يدور في كواليسها الداخلية، وماذا سيحل بخدمات المدينة في الشتاء القادم إن بقي الوضع على حاله دون علاج من قبل محافظة اللاذقية ومجلس مدينتها.

كما نتساءل: لماذا تم إيقاف بعض أعمال الصيانة كحال مدرسة جول جمال؟؟ هل بسبب عداوات مع بعض المهندسين القائمين على مشاريع الصيانة وعدم التعامل معهم إلا بوسيط من قبل مدير الخدمات والصيانة؟؟ سؤال نتركه برسم المعنيين.

 

عقود لشركات عامة خارج الملاك بأرقام فلكية

جرى خلال هذا العام تسليم أعمال الصيانة لشركات القطاع العام الخارجة عن ملاك البلدية، بعقود وأرقام كبيرة لا تتطلبها الأعمال المطلوبة، وكان يمكن أن يصرف جزء منها للعمال التابعين لمديرية الخدمات والصيانة كمكافآت وحوافز لتحفيزهم واستثمار طاقاتهم في عملهم الذي عيِّنوا لأجله، وما قامت به هذه الشركات المتعاقدة خلال هذا العام من صيانة تركز فقط على الاهتمام بالمنصف الطرقي الممتد من دوار الجامعة حتى المدينة، إضافة إلى الشارع الممتد من دوار العلبي حتى دوار الشاطئ، وإهمال الشوارع الفرعية داخل المدينة وعدم الاهتمام بها نهائياً، وقد جرى دهن وتلوين المنصفات مرتين خلال الصيف وإهمال باقي المهام من نظافة وصيانة حاويات ومصارف مطرية وغيرها الكثير من الخدمات الأساسية، وهنا نتساءل: ما نفع دهان المنصفات بالألوان وصرف هذه المبالغ العالية عليها، وهناك الكثير من الأولويات الهامة جداً؟ فلماذا لم يصرف ثمن هذا الدهان الملون على صيانة الحاويات المهترئة والمتآكلة من الصدأ؟ فمن المهم جداً صيانة الحاويات وزيادة عددها في المدينة كي لا نجد القمامة مرمية في زوايا الشوارع؟ لماذا لم يصرف جزء من ثمن هذا الدهان على صيانة الحدائق وتنظيفها من القمامة المتراكمة منذ سنوات، أو استثمارها في تعبيد الشوارع الداخلية المتآكلة والسيئة والتي تم تأخير تعبيدها (تزفيتها) بسبب إعطاء التعبيد لعقود خارجية بأرقام فلكية وكبيرة حسب مصادرنا، وهناك الكثير من الخدمات والبنى التحتية الأخرى التي تحتاج إلى صيانة حقيقية أهم بمئات المرات من دهان أحجار المنصفات الطرقية وتلوينها. فما نفع الألوان إن كان الجوهر متهالكاً ويحتاج إلى الصيانة.

 

المصارف المطرية لم تخضع للصيانة

والأوساخ تملأ المدينة

جرى إهمال تنظيف المصارف المطرية هذا العام من قبل مديرية الخدمات والصيانة، وذلك يعود لأسباب كثيرة منها غياب التعاون والتنسيق بينها وبين شركة الصرف الصحي في اللاذقية، والدليل على ذلك غرق المدينة مع أول نزول للمطر هذا العام، وقد بدأت معه التبريرات الكثيرة للتهرب من المسؤولية، فمن المعروف أن أمطار اللاذقية تسقط بغزارة، وليست المرة الأولى التي تتساقط فيه الأمطار بهذه الغزارة، وما حدث سيئ جداً ويجب التحقيق فيه، فأين تذهب الميزانية المخصصة لصيانة البنى الخدمية الأساسية ومنها المصارف المطرية، وما تحدث به البعض من تبريرات منها أن الأوساخ هي من سببت انسداد المصارف، هذا بحد ذاته سؤال يُطرح: ماذا تفعل دائرة النظافة التابعة لمديرية الخدمات والصيانة؟ أليس من مسؤولياتها تنظيف الحاويات والشوارع، أم يجري التركيز على تنظيف شارعين فقط يمر بهما مسؤولو المدينة، وباقي المدينة مهمل جداً وجداً، فيمكن للقاصي والداني ولأي مسؤول في المدينة المرور في الشوارع والحارات الفرعية ليرى تراكم الأوساخ ويشمّ الروائح المقززة المنتشرة، يكفي أن يزور السيد المحافظ ورئيس مجلس المدينة شارع أنطاكية وخلف مدرسة جول جمال الذي تحول إلى مكبّ للقمامة، وشارع الجمهورية والرمل الشمالي  والحدائق وغيرها ليروا بأعينهم الأوساخ المتراكمة ويشمّوا الروائح المنتشرة، إضافة إلى البعوض وغيره من الحشرات الناقلة للأمراض في ظل انتشار الأوبئة والكوليرا.

لا يوجد عمال.. عذر أقبح من ذنب

كثرت التبريرات في الآونة الأخيرة عن عدم توفر عمال في مديرية الخدمات والصيانة وأن كثيرين منهم قدموا استقالاتهم، وهنا نتساءل: أين ذهب العمال الذين جرى توظيفهم تحت مسمى عمال خدمات؟ أم أنهم نُدبوا لخارج ملاك البلدية بمفعول الواسطة على مبدأ (ادفع المعلوم ويحدث ما تريد)، أما بالنسبة لاستقالات العمال فالأسباب معروفة ويمكن أن نلخصها بالتالي:

سوء الإدارة والضغط على العمال من قبل المسؤولين عن إدارة المكاتب وعدم معاملتهم بشكل جيد، وضعف الرواتب، وسوء توزيع المكافآت والحوافز على العمال، فمن واسطته أعلى يحصل على حصة الآخر، أي عدم العدالة، إضافة إلى الفروق الكبيرة، فعمال الخدمات يحصلون على حوافز أقل من عمال النظافة الذين يحصلون على حوافز أعلى بكثير.

ختاماً

تخضع المؤسسات وخصوصاً الخدمية لتقييم وتغييرات دائمة لتحسين جودة عملها، فمن المعلوم أن سوء الخدمات والكوارث التي تحصل نتيجة غياب العمل الحقيقي، وسببه سوء الإدارة أو أن الشخص المسؤول ليس مؤهلاً لوضع الخطط العلاجية للمشاكل الأساسية التي تخدم الوطن المواطن، وهذا ما تعاني منه مؤسساتنا: عدم قياس جودة العمل على أرض الواقع، فيكتفي المسؤول العام بتقييمات على الورق دون الجولات الميدانية التي تكشف له مدى صلاحية مديري مؤسسته الذين عينهم إن كانوا يقومون بعملهم بكفاءة أو لا ، فما نفع الورق إن كان الواقع أسوأ بكثير من الإنشاء، وما حدث ويحدث في مدننا وخصوصاً اللاذقية يحتاج إلى إعادة نظر من قبل محافظة اللاذقية ومجلس مدينتها، فالوضع بات كارثياً جداً ويحتاج إلى العلاج، فلدينا في مؤسساتنا من المهندسين والخبرات الكبيرة المهملة بسبب واسطات البعض من غير المؤهلين، فنحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى الخبرات لإصلاح حتى لو جزءاً بسيطاً من البنى التحتية التي تم تخريبها وإهمالها لسنوات طويلة. فمتى يخرج المسؤول من قصره العاجي ليرى الواقع ويتابع معالجته؟!

العدد 1105 - 01/5/2024