مسابقات للجميع يُغيَّب عنها الجميع

إيناس ونوس:

نبارك للطِّفلة الصَّغيرة (شام) ذات السَّنوات السَّبع، التي نالت جائزة مسابقة تحدِّي القراءة على مستوى العالم العربي منذ بضعة أيامٍ في دولة الإمارات العربية، رافعين الرَّأس بها وبتميُّزها، ليس لكونها سوريةً فحسب، بل لكونها طفلةً تقرأ في زمنٍ يدعو للاستهتار بكل شيءٍ، وباتت متعة القراءة فيه بعيدةً كلَّ البعد عن الأطفال والكبار على السَّواء.

أن تشارك هذه الطفلة وأطفالٌ كُثر غيرها يعيد لنا الأمل بالجيل القادم في حال تهيَّأت له البيئة المناسبة والرِّعاية السَّليمة، فكثيراً ما نسمع اليوم عن تميُّز الأطفال السُّوريين في دول العالم قاطبةً ما إن توافرت لهم الظُّروف التي تُسهِّل إخراج ما بداخلهم من طاقاتٍ وإمكانياتٍ ومواهب.

إنما استدعاني حصولها على تلك الجائزة للوقوف على عدَّة نقاطٍ تتعلَّق بآليات التَّحضير للمشاركة بهذه المسابقة تحديداً، ففي العام الماضي ورد تعميم من وزارة التَّربية إلى المدارس برمَّتها، يهدف لمشاركة أبنائنا التَّلاميذ في هذه المسابقة عبر التَّعاون مع مدرِّسي اللُّغة العربية، إلَّا أنَّ هذا التعميم لم يتخطَّ مكتب الإدارة في بعض المدارس، ولم يسمع بالمسابقة المذكورة أحدٌ لا من المدرسين ولا من الطلبة!!

وفي مدارس أخرى، جرى إبلاغ التَّلاميذ وذويهم برغبة إدارة المدرسة في مشاركة أبنائهم، وبعد أن قام البعض من الأطفال بالقراءة والتَّلخيص تحضيراً للمشاركة، توقَّف العمل دون سابق إنذارٍ، ولم يتم التَّوضيح لا للأطفال ولا لذويهم عمَّا حصل ليتوقف العمل والمشاركة، وماتت القصَّة في أرضها كما يقال، وقد فوجئنا اليوم، بعد مضيِّ عامٍ كاملٍ، بنيل طفلتنا العظيمة الجميلة الجائزة الكبرى، وتوضَّح لنا أنَّها حصلت على المركز الأوَّل على مستوى سورية عامةً، ما منحها الفرصة للمشاركة والوصول إلى النَّتيجة التي وصلت إليها اليوم.

هنا.. يتبادر إلى الذِّهن عدَّة استفسارات:

  • على أيِّ أساسٍ اعتمدنا بالقول إنَّها حصلت على المركز الأول على مستوى البلاد، في ظلِّ غياب الكثير غيرها من الأطفال والمدارس عن المشاركة؟!
  • أين المعنيون بمتابعة مثل هذه النشاطات؟ ولماذا يتغيَّبون عن متابعة عملهم على أرض الواقع؟
  • من يجيب الأطفال الذين قرؤوا واستعدُّوا العام الماضي للمشاركة، ولم يكلِّف أحدٌ عناء التَّوجه إليهم بتبرير توقُّف كلِّ شيءٍ حينها؟ ومن يمسح دموع الخيبة من مقلهم؟

أعود وأبارك للطِّفلة ولنا جميعاً هذه النَّتيجة، وأشدُّ على يد والدتها التي ربَّتها ورعتها وهيَّأت لها الظُّروف التي جعلتها قادرةً على إخراج ما بداخلها من مكنونات، وأتقدَّم بالشُّكر والتَّهنئة للمدرسة التي دعمت مشاركتها، لكنِّي رغبت أن أستفسر بلسان كلِّ طفلٍ لم يلقَ الدَّعم، ولم يعرف بما يجري، وأوجِّه استفساري هذا تحديداً للمسؤولين في وزارة التربية، فهي المعنيّ الأول بهذا الموضوع، علَّنا نتمكَّن من تجاوز مثل هذه الثَّغرات في المستقبل.. ثغراتٌ يراها أطفالٌ آخرون كبيرةً وخطيرةً لأنَّها أشعرتهم بالظُّلم والغبن، أملاً بأن نكتشف التَّميُّز الموجود عند أطفالنا أكثر فأكثر، ونستفيد منه أكثر فأكثر.

العدد 1104 - 24/4/2024