أفكاري بين حقيقتي ورؤية الناس

وعد حسون نصر:

هناك فرق كبير بين من يكتب مقتنعاً بما يكتب مُجسّداً واقعاً وحقيقة، ومن يكتب وفق مبدأ (قصّ ولصق) فقط. القليل منّا يكتب الحقائق من منظوره الشخصي كما يرى الأمور في داخله ومن رؤيته، يبحث في الأشياء يردُّ النتائج إلى الأسباب ويبحث في السبب الذي أدّى إلى النتيجة وما وراء هذا السبب، فهو لا يريد أن يُصدر أحكاماً مسبقة ونتائج ثابتة دون معرفة السبب المؤدي لهذا. قد يكون هذا الشيء جيد لأننا هنا لا نلغي ذواتنا ولا نصدر أحكاماً يعرفها ويعلمها الآخرون، لكن هذا الأمر قد يكون متعباً بعض الشيء ما يجعلنا في حالة شكٍّ دائم، متعبين من التفكير، دائمي البحث في خلفيات الأمور، ومع ذلك فهو أفضل بكثير من فكرة النقل فقط، لأن النقل يُعمي عيوننا عن الحقيقة، الناقل شخص يأخذ الأمور كما هي دون النظر إلى مصدرها، صحيحة كانت أم خاطئة، وهذا قد يؤذي كثيرين، لمجرد نقل أي خبر أو أي واقعة وطرحها للعام دون التأكّد من صحتها ما قد يؤدي إلى إحداث فوضى وأذى يلحق بمن نُقلت الأخبار عنهم. لذلك فالأفضل ألّا نكتب لمجرّد الكتابة، وهذا ما يحصل مع كثيرين، عندما يجعل من نفسه ناقلاً فقط متجاهلاً الحقيقة وغير مبالٍ بفكرة التعبير عن ذاته، عن رأيه الشخصي، عن نظرته وتحليله لما بين يديه، يصوّر مثل الفوتوغرافي فقط التقاط للصور ووضعها على صفحته الشخصية أو في ألبوم الصور، لننظر قليلاً إلى الأخبار على صفحات الأنترنيت، فأكثرها تُنقل قص ولصق، وكثير منها تكون كاذبة ومؤذية، وتكون بمثابة تشهير، وأحياناً قد تودي بحياة أشخاص! أفلا يجب التأكّد قبل الكتابة من صحة ما نكتب أو ننشر؟

من وجهة نظري أنا أفضّل أن أكتب ذاتي، أن أنطلق منها، وأن أغوص في الأسباب لأصل إلى أفضل النتائج، أن أعبّر عن أفكاري أُطلِقها لتصل إلى الجميع مخبرةً عني، فلا أريد أن أكون مجرّد ناقل في زمن لا ندري صحة الحقيقة فيه لننقلها، فربما تكون غير دقيقة تؤذيني قبل أن تؤذي من تلقّاها، لذلك أنا مع فكرة الكتابة من الذات، أكثر من النقل عمّا يعتقده الآخرون، ودائماً وراء كل نتيجة سبب.. فلنبحث أولاً في السبب الذي يمكن أن يرشدنا إلى النتيجة لا العكس.

العدد 1105 - 01/5/2024