عشاء حكومي ساهر

 سليمان أمين:

أيام قليلة مرت بعد زيادة أسعار البنزين، وأتى جواب الحكومة بعد تخمة عشاء ساهر عبر مجموعة من الأسواق: غلاء فاحش كحليف لكل العقوبات التي تتعرض لها سورية.

وعافانا وعافاكم الله شر الحر واحتياجاته وملحقاته من (لا) كهرباء و(لا) تبريد و(لا) أسعار مقبولة، تمر أيام موجة الحر الطارئة على الشعب وكأنها أحد فصول مسرحية (غربة) لا زيادة ولا نقصان، ولكن المسرحية كان لها في أزمان عرضها جمهور يصفّق، أما اليوم فلا أحد صفّق ولا أحد يصفّق، إلا ربما بعض الرُضّع الذين يندهشون من أضواء في المنزل تشتعل فجأة كل سبع ساعات أو أكثر، وتُطفأ في الحين أحياناً، فيصفّقون فرحا،ً ظناً منهم أنها من ألعاب العصر، ومنهم من يردد أغنية HAPPY BIRTHDAY وكأن الأمر احتفال يومي بأعياد ميلادهم!

ومع ذلك لا يبخل مدير توزيع الكهرباء بطلّاته الإذاعية البهية، ليبشّر بساعات التقنين الجديدة، التي بوشر بها مع أول أيام الصيف، وليقول للناس في كل المحافظات: (ساعة وصل وخمس قطع …)! وتتدخل مذيعة اللقاء بالقول: وهل يكفي ذلك؟ فيجيبها: (أليس ذلك أفضل من ساعة بعشرة؟!).

وعلى الفور تذكّر كل المستمعين بحسرة موشح (يا زمان الوصل في الأندلس)، وموشح (إن تجودي فصليني …).

وبكل الأحوال، حتى (الساعة بعشرة) ما زالت بعيدة المنال عن الكثير من المناطق، علّ حلم (الربط الكهربائي بين لبنان والأردن عبر سورية) يشملها، ويوحّد التيار الكهربائي بأنواره بلاد الشام من جديد، طالما أخفقت بذلك كل (التيارات) القومية، وفشلت به كل الحركات (التنويرية)!

وبنغمة الأغنية الدينية (ربّ يسّر لنا السفر)، التي رددها كلاماً مع الأغنية مذيع إحدى إذاعات (الإف إم) المحلية المرخصة، افتتحت تلك الإذاعة أحد برامجها، واختتمته، مع تعليق للمذيع وهو يتنهد قائلاً بما معناه: ليت الحكومة لا تتكلم فكلامها يزيد الطين بلة، فمن لا يستطيع الوفاء بالوعود فيها، فليترك منصبه لآخر، حسب المذيع!

وختاماً، فهو عشاء حكومي ساهر وطويل وأيام عسيرة نرجو لها ألا تطول شهوراً وسنوات، كما نتمنى ألا تبدو وكأنها (المعركة النهائية)، تخوضها الحكومة المتلكئة مع الشعب، فمعركة الشعب الحقيقية أكبر من همومه الحالية، ألا وهي التحرير الكامل للأرض والحفاظ على السيادة والمنجزات.

العدد 1105 - 01/5/2024