هل التخلّف العلمي قدر لنا؟

يونس صالح:

هل التخلّف العلمي الذي نعيشه فرضناه على أنفسنا؟ أم فُرض علينا؟ هل كنا ضحية مؤامرة؟ هل حاولنا أن نتقدم؟ هل كان الحلم الذي لازمنا طويلاً صعب المنال؟ لماذا يهرب العلماء والنوابغ ويهاجرون من بلادنا؟ هل كانت الظروف هي العائق الوحيد تجاه نظرتنا إلى المستقبل؟ هل حاولنا التفكير العلمي المنطقي ثم فشلنا؟

كل هذه الأسئلة وغيرها أخذت تلح على الذهن والعقل، ويحتار الحصيف في إيجاد إجابة مقنعة لها.

وفي حقيقة الأمر، فإن المتأمل البصير لواقعنا ينظر بأسى وحزن عميق ويسأل نفسه: هل هذه الحال التي يحياها الآن هي ميراث الأجداد الأوائل؟ فها هو ذا العالم المتقدم يخطط منذ زمن للتعايش مع المستقبل، ونحن نخطط لكي نتعلم كيف نستخدم ما وصلوا إليه من تقنية وتطور، فما العائق لبدء التحرك، ووضع مشروع للمستقبل يجب أن يبدأ من الآن. ولكننا بنظرة فاحصة يمكن لنا أن نجمل عدداً من العيوب تعيق السير في الاتجاه السليم وربما أبرزها: العلاقات البيروقراطية التي تشمل سائر مناحي الحياة، والنرجسية، وأقصد بها أن الكل يريد أن ينسب إليه هذا العمل أو ذاك، وتقام الاحتفالات والخطب الرنانة في المديح والإشادة بمن كان له الفضل في تأسيس ذلك الصرح، والتقتير الشديد في الإنفاق على التعليم، فتغيب في كثير من الأحيان أبسط مستلزمات التطور العلمي، لذلك فإن هناك ضرورة لإصلاح مسار التعليم والنظام التعليمي عندنا، وتخلف المتعلمين، وما نقصده هنا تخلفهم عن مواكبة التطور العاصف الذي حدث ويحدث الآن، والإسراف المتناهي والبذخ على المظاهر الكاذبة، فلو تم توجيه ما يصرف على شراء السيارات وتبديلها من قبل محدثي الثروة كل عام، باتجاه العلم على سبيل المثال، لساعدنا ذلك على ملاحقة التطور العلمي الذي نريده.. واستعجال النتائج والحكم السريع على الأعمال بأنها لم تؤت ثمارها، ولم تحقق أهدافها التي رسمت لها بمجرد بداية عملها، ويصح هنا القول المأثور: لماذا نتعجل قطف الثمار قبل نضج الفاكهة؟ وقبل تفتح الأزهار؟ والجدل العقيم، فبدلاً من إضاعة الوقت في جدال عقيم، أيهما أتى أولاً الدجاجة أم البيضة، يجب توجيه الجدال لزيادة إنتاجية الدجاجة، والتشخيص الخاطئ أحياناً للمشكلات، وهو ما يشبه مريضاً مصاباً بالزائدة الدودية على سبيل المثال، وهي على وشك الانفجار، ويشكو من صداع، فنجد الطبيب عوضاً أن يعالج الزائدة، يعطيه علاجاً للصداع، وتكون النتيجة وفاة المريض، وكذلك خلط الأمور مع بعضها، وذلك يجعل الأمور الشخصية تؤثر على سير العمل وكفاءة الفرد، وغيرها من الأمور.

إن العمل على التخلص من هذه العيوب، أو تقليصها على الأقل إلى الحد الأدنى، هو أساس التحرك منذ الآن لتحقيق التقدم والرقي والتفوق، ويكفينا أن نعلم أن الكثير من خيرة العلماء والمخترعين والمبدعين الذين تعج بهم مؤسسات العالم المتقدم هم من أبناء بلادنا، ألا يدعو ذلك للتفكير؟

 

العدد 1105 - 01/5/2024