يوم حزنت الوردة

بقلم أيمن أبو الشعر:

قدم عبد القادر تهانيه الحارة للمدير الجديد، رغم ما عرف عنه بأنه مدير فاسد وشرير وحتى قميء. كان قد سهر طوال الليل لكتابة هذه الأسطر المتملقة حتى باتت تصلح لأن تكون خطابا أمام الوالي، وذلك إمعاناً في تعظيم هذا المسؤول، وكأن عبد القادر يعرف أفضاله منذ سنوات عديدة، كانت كلماته متزلفة إلى درجة أن المدير نفسه هز رأسه مبتسماً بمكر، وقرر أن يستخدمه للمهمات المشينة تحديداً، ومحاولة استمالة العاملات في المؤسسة. وضع عبد القادر باقة ورد بيضاء في المزهرية قرب نافذة مكتب المدير وقال: لقد قطفتها يا سيدي بيدي من حديقتنا، واخترت أن تكون بيضاء ناصعة كاسمك الناصع النقي، وقد استدعت هذه الكلمات ضحكاً مكبوتاص لدى الموظفين، وحتى لدى المدير نفسه الذي قال: شكراً! ستكون مرافقي وخاصة في المهمات الليلية الصعبة، أقصد عمليات التفتيش المفاجئة.

في الليل شاهد عبد القادر حلماً مرعباً، فقد بدا له أن كل شيء من حوله ينظر إليه باشمئزاز، وباتت حتى الأشياء حتى الكراسي والكنبات خجولة تهتز بأسى، وأطلت باقة الورد في مزهرية المدير من شباك غرفة نومه، وقد باتت حمراء من الخجل الشديد وهمست له بلهجة مؤنبة: أنا لم أحزن لأنك قطفتني، فأنا خلقت لأزين الأماكن والاحتفالات، لذا لا بد أن أقطف، ولكني حزينة ومشمئزة منك لأن يدك أيها المنافق امتدت إليّ وهي لا تستحق أن تقطفني، والأحقر والأنكى من كل هذا وذاك أنك أهديتني لمن لا يستحقني؟!

العدد 1105 - 01/5/2024