قد يكون من أبغض الحلال.. لكنه مناسب أحياناً

وعد حسون نصر:

يتوقف كثيرون عند مسألة الطلاق باعتباره خراب وتفكّك للأسرة، تشتّت وضياع الأبناء، لكنه يبقى آخر مرحلة ممكن أن يصل إليها الزوجان بعد سنوات طويلة من عدم التفاهم. بالمقابل هناك عائلات تتخذه كأول إجراء متناسية سنوات عديدة من الحياة الزوجية المشتركة، متجاهلة مستقبل الأبناء وتفكّك الأسرة.

الطلاق بمفهومه لفظٌ غير مُحبّب ومرفوض كحالة اجتماعية، وحتى بالشرع وفي المحكمة يبقى البت بالطلاق للجلسة الأخيرة، لربما يتراجع الزوجان عنه من أجل أبنائهم وحياتهم المشتركة. نعم قد يكون الطلاق في الشرع أبغض الحلال عند الله، وضمن المجتمع حالة اجتماعية مرفوضة لما ينجم عنها من ضرر للأسرة وتفكّك وضياع الأبناء بين الأب والأم، وفقدان أحد الزوجين لمكان إقامته ممّا يضطره للإيجار أو العودة لبيت الأهل، وبالتالي فقدان الاستقرار والاستقلالية والمساحة المسموحة من الحرية كما كان في منزله، وهنا تنجم عن هذا الوضع ضغوط نفسية وأعباء مادية جديدة، لذلك يبقى آخر الحلول ويرغم الزوجين على الصبر. لكن في أحيان كثيرة يكون حلاً مناسب للأسرة وللزوجين والأولاد، وخاصةً مع تفاقم الخلافات والمشاكل وتأثيرها على الأولاد وحالة عدم الاستقرار والتوتر الدائم داخل المنزل، ما يتطلّب اتخاذ هذه الخطوة لأنها قد تكون الأنسب للجميع. أيضاً إذا كان الزوج غير مسؤول وغير قادر على إدارة أسرة ولديه عادات سيئة مثل الخمر والقمار والزنا والكذب، هنا وجب على الزوجة أن تتخذ قرار الطلاق وتربية أبنائها إذا كانت قادرة على رعايتهم من أجل ضمان مستقبلهم وأخلاقهم. كذلك إذا كانت الزوجة لا تصلح أن تكون مربية فاضلة لأبنائها، وشخص مستهتر غير مدبّرة، أو لديها سلوكيات مرفوضة هنا وجب اتخاذ إجراء الطلاق، ومن الأفضل كذلك بقاء الأبناء مع الأب إذا كان قادراً على رعايتهم.

البعض من الطوائف يتحفّظ على فكرة الطلاق وتكون من الخطوات الصعب اتخاذها ويؤجل إطلاق الحكم فيه لسنوات، لكن من وجهة نظر أخرى يُعتبر هذا التأجيل بسنواته الطويلة خسارة وهدراً من عمر زوجين مرّت سنواتهم كما يقال باللغة المحكية (لا معلق ولا مطلق) لا يستطيع أيّ طرف مجرّد التفكير بحياته الشخصية لأنها مازالت مرتبطة بحياة شخص آخر، ولا يستطيع حتى مجرد الحلم بمنزل فيه الراحة والأمان والاستقرار مع شخص آخر مناسب أكثر، لذلك وجب إعادة النظر بهذا من قبل الشرع عند بعض الطوائف وخاصةً أننا في زمن يتطلّب السرعة في اتخاذ الإجراءات، فلم نعد كما كنّا في السابق، فمساحة تنقلاتنا محدودة والكثير منّا لا يعمل أو عمله ضمن مدينته أو قريته وخاصةً المرأة الآن، فالكثير من النساء مضطرة للتنقّل بمفردها والسفر خارج القطر وربما برفقة أبنائها، فإن قوبلت بالرفض ستخسر عملها، لذلك أحياناً الحلول وإن كانت غير مُحبّبة قد تكون الأنسب، ومثال ذلك الطلاق الذي يعتبر مرفوضاً بالحياة الاجتماعية وبالشرع، لكنه في أحيان كثيرة أنسب للأسرة من استمرار الزواج فيها حين يتحوّل لدمار لها وهلاك لأبنائها.

العدد 1105 - 01/5/2024