لا للناتو! .. نعم لتحالف السلام!

هانس أوهرن وطلال الامام:

تتعاظم الآن المطالبة بعضوية السويد وفنلندا في حلف الناتو من قبل دعاة الحرب في كلا البلدين.

نحن نقول لا لعضوية السويد وفنلندا في حلف الناتو. ورفضنا هذا قائم على أسس وجيهة، من منطلق أن الناتو ليس تحالفاً دفاعياً، ولكنه تحالف حرب شارك في العديد من الحروب الهجومية على الرغم من عدم تعرض اي بلد عضو فيه للهجوم.

ومن الأمثلة الصارخة على ذلك الحرب في أفغانستان التي غزاها الناتو في عام 2001. ثم اضطر بعد 20 عاماً من الحرب للانسحاب، تاركاً خلفه دولة مدمرة. ويضطر الآن ملايين الأفغان للعيش في ظروف غير إنسانية، بينما تهدد المجاعة جزءاً كبيراً من السكان. ذلك لأن الناتو يواصل حربه ضد هذا البلد بوسائل أخرى، وبضمن ذلك العقوبات الاقتصادية، كما أن الأصول المملوكة لأفغانستان والتي يمكن أن تخفف من محنة العديد من الناس في بلد أجبر على تحمّل 20 عاماً من الحرب، محجوزة في العديد من دول الناتو. هذا، في اعتقادنا، يظهر بوضوح نوع منظمة حلف شمال الأطلسي.

في عام 1999، قصف الناتو العاصمة الصربية بلغراد لمدة 76 يوماً، بعد أن فشلت الولايات المتحدة في تمرير قرار في الأمم المتحدة بمهاجمة صربيا. الناتو منظمة تقف، مع حق القوي، تعتدي خارج القانون الدولي ومن خلال الانتهاكات الصارخة للقانون والأعراف الدولية على الدول دون أن تُهاجم أية دولة من دول الناتو.

حدث هذا أيضاً في العراق عام 2003 وفي ليبيا عام 2011. كانت ليبيا أكثر دول إفريقية ازدهاراً، قبل أن تبدأ قنابل الناتو في السقوط على البلاد. كانت النرويج العضو في الناتو التي أسقطت أكبر عدد من القنابل على السكان المدنيين. اليوم، لا تزال ليبيا بلداً في حالة من الفوضى، حيث تقاتل مجموعات مسلحة مختلفة بعضها البعض. لا يزال مستوى المعيشة في العراق أقل بكثير مما كان عليه قبل هجوم الناتو في عام 2003.

إن مستقبل الناتو غير مؤكد. إذ تعاني العديد من دول الناتو الحالية عدم الاستقرار السياسي. من الممكن أن تحدث تغييرات كبيرة تلعب دوراً في أي اتجاه يذهب هذا الحلف. إن التحالف العسكري العدواني الذي يصبح أكثر عدوانية سيكون مدمراً ليس فقط لبلدان الشمال وأوربا ولكن للعالم بأسره.

لم تُحسِّن حرب روسيا ضد أوكرانيا وضع السياسة الأمنية في أوربا، كما أنها لم تغيرها بشكل كبير. تصاعدت بالمقابل التوترات في أوربا لفترة طويلة، ليس أقلها من خلال خطاب البغض والكراهية الذي يستهدف روسيا في العديد من البلدان الأوربية. إن الادّعاء الآن بوجود تهديد قوي لدول الشمال ليس صحيحاً. ليس لروسيا مصلحة – وربما حتى القدرة – لمهاجمة أي دولة من دول الشمال في المستقبل القريب.

يتطلب الوضع الحالي، عوضاً عن اللجوء إلى الحلول القديمة لمشاكل السياسة الأمنية، عبر التحالفات العسكرية العدوانية، وإعادة التسلح وفرض أجندات، يتطلب حلولاً جديدة في بلدان منطقة الشمال، أوربا والعالم.

كثيرون في حركة السلام هم من دعاة السلام لكنهم مشتّتون. هذه الحركة لا تعارض مبدأ الدفاع الوطني. كما أنها ليست من المعارضين المبدئيين للتعاون العسكري. غير أن أحد الشروط الأساسية هو أن يكون مثل هذا التعاون من أجل صنع السلام.

تقع بلدان منطقة الشمال الأوربي بين روسيا والدولة الأكثر نفوذاً وعدوانية في حلف الناتو، الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك نقترح تحالفاً دفاعياً بين دول الشمال الخمس. عندئذٍ يمكن لمثل هذه الخطوة أن تغير ديناميكيات التطورات الحالية، والتي في أسوأ الأحوال يمكن أن تؤدي إلى حرب نووية بين القوى الكبرى لا يمكن تصورها.

إن التحالف الاسكندنافي الذي لا يسعى جاهداً للتأثير على أمن الدول المجاورة من خلال تعاونه سيكون عامل استقرار في عالم اليوم. يمكن لهذا التحالف وبالتعاون مع الدول المحايدة أن يصبح صوتاً للسلام في العالم.

على الرغم من أن ويلات الحرب تلاحق أوربا في بعض الأحيان، إلا أن المشاكل أكبر بكثير في أماكن وبلدان أخرى من العالم. وهذا غير معروف لمعظم الناس الذين يحصلون على معلوماتهم من وسائل الإعلام الرئيسية في الغرب، ولكنه حقيقة لملايين الأشخاص في بلدان مثل اليمن وسورية ومالي، وهي مجرد مثال بسيط للبلدان التي عانت في العقود الاخيرة. سيكون حل هذه النزاعات أيضاً أسهل مع تحالف الشمال الذي يقف دائماً إلى جانب السلام.

نقترح أن تغادر الدانمارك والنرويج وأيسلندا التحالف العسكري /الناتو، وهو خيار سهل، لاعتقادنا أن مثل هذا الاقتراح ليس له سلبيات وإنما إيجابيات فقط.

العدد 1105 - 01/5/2024