أمريكا بين نارين: إما رفض سداد ديونها صيف أو خريف هذا العام وإما موت الدولار خلال عام

ألكسندر نازاروف:

تجاوز الدين القومي للولايات المتحدة الأمريكية، في شباط (فبراير) 2022، مستوى 30.29 تريليون دولار، فقد ارتفع هذا العام بمقدار 2.39 تريليون دولار.

من حيث الهيكل، واستنادا إلى بيانات عام 2020، فإن 37% من الديون لها آجال استحقاق تصل إلى عام واحد، و35% ما بين عام إلى 5 أعوام، بقية الديون لا تهمّ في هذه الحالة.

وبمعرفة المعدل التقريبي لنمو الدين الحكومي، وحجم القروض الجديدة التي يجب أن تستدينها الولايات المتحدة لتحل محل القروض المسددة، يمكن الافتراض أن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تحصل على قروض جديدة ما بين 13-14 تريليون دولار. تذكروا هذا الرقم.

في الوقت نفسه، فإن التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية يستمر في التسارع بشدة، فقد بلغ التضخم السنوي لشهر شباط (فبراير) الماضي 7.9%، بينما يتوقع بنك (يو بي إس_ UBS) أن يرتفع التضخم إلى 8.5% في شهر آذار (مارس).

يعني ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية قد دخلت بالفعل في كارثة اقتصادية لا يمكن السيطرة عليها، والتضخم المفرط أصبح مرئياً في الأفق، وعندما يتجاوز التضخم 10%، سيبدأ هروب رأس المال من الأصول الدولارية إلى الذهب وغيره من الأصول الأخرى الملموسة، ما سيؤدي إلى مزيد من التضخم المتسارع.

في الوقت نفسه، ستبدأ حكومات الدول الأخرى، التي تحتفظ الآن باحتياطياتها في ديون الولايات المتحدة الأمريكية، في الانسحاب من الأصول الدولارية.

أي أنه وفي ظرف شهرين، سيتحول التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى كرة ثلج تتسارع ذاتياً، فيؤدي التدهور إلى هروب رأس المال إلى الخارج، ما يؤدي إلى مزيد من التدهور وهكذا دواليك نحو الدوامة. سيزداد معدل التضخم عدة مرات، من 0.6% شهرياً إلى 1-2-5-10% شهرياً، وسيتدهور الوضع بمرور الوقت.

وذلك سيجبر الاحتياطي الفدرالي على رفع سعر الفائدة من أجل خفض التضخم. أو بمعنى أصح، فإن خفض التضخم حقاً، يتطلب رفع معدل سعر الفائدة إلى قيمة تتجاوز التضخم، أي إلى حوالي 10%.

يعني ذلك الموت الفوري للاقتصاد الأمريكي في غضون أسبوعين. لهذا، يتظاهر الاحتياطي الفدرالي بمحاربة التضخم، ويعتزم في أيار (مايو) رفع المعدل بنسبة 0.5%، ثم رفع ذلك المعدل عدة مرات خلال العام. بينما كان عليه أن يرفعه فعلياً إلى 10% ليس في أيار (مايو) بل يوم أمس.

لكن، دعنا نتظاهر بأن 3% ستكون كافية. لنفترض جدلاً أن الاحتياطي الفدرالي قد رفع المعدل إلى 3% في السنة. الآن، لنضرب 14 تريليون، قيمة القرض الجديد، في نسبة 3%، لنحصل على 420 مليار دولار، هو مقدار زيادة الإنفاق على الفوائد في العام المقبل.

لقد بلغ عجز الموازنة الأمريكية العام الماضي 2.8 تريليون دولار، يضاف إلى ذلك 0.42 تريليون دولار خاصة بمدفوعات الفائدة وحدها، ويضاف إلى ذلك الزيادة الإجمالية في الإنفاق بسبب التضخم، ويضاف إلى ذلك ما يبدو عليه حال الاقتصاد الأمريكي من ركود، ويضاف إلى ذلك العقوبات ضد روسيا، وهي تقلل من دخل الشركات الأمريكية، وتؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الخام.

اسمحوا لي بتذكيركم أن إيرادات الموازنة الأمريكية خلال العام الماضي قد بلغت 4.05 تريليون دولار، وأعتقد أن عجز الموازنة خلال عام سيكون مساوياً لإجمالي الدخل.علاوة على ذلك، لا ننسى أن المستثمرين سيبدؤون في الهروب من الأصول الدولارية، وسيكون من الصعب على وزارة الخزانة الأمريكية العثور على مقرضين على استعداد لإقراض الولايات المتحدة الأمريكية أموالاً بنسبة 3%، بينما يعانون من خسارة 7% من مبلغ القرض بسبب التضخم الذي تبلغ نسبته 10%.

سيتعين على الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى أن تبدأ في طباعة النقود الورقية غير المغطاة لتمويل مدفوعات الفائدة وعجز الموازنة، إلا أن ذلك سيزيد التضخم أكثر.

في الوقت نفسه، سيقوم الاحتياطي الفدرالي، شهر أيار (مايو) المقبل، بسحب بعض الأموال المطبوعة سابقاً من التداول، بمعنى أنه عندما لا يكون لديه مصدر للحصول على أموال لدفع الفوائد، يستمر في تقليل مبلغ المال الموجود في جيبه؟ أمر مستحيل.

باختصار، فقدت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل السيطرة على التضخم، ومن المستحيل وقف تدهور الوضع إلى تضخم مفرط. هناك كارثة محققة تنضج في جميع القطاعات المالية بالولايات المتحدة الأمريكية. وأي إجراء يتخذ للنجاة من أي التهديدات بالموت يعجل الموت بتهديد آخر. فالتضخم يتسارع، وعجز الموازنة يتزايد، ومن المستحيل تمويله، ومن الضروري رفع سعر الفائدة، لكن ذلك سيؤدي إلى إفلاس جماعي للمدينين. قائمة طويلة من العوامل يمكن الاستمرار بسردها.

وليس هناك سوى خلاص واحد فقط: رفض الولايات المتحدة الأمريكية لسداد ديونها. أخشى أن يحدث ذلك خلال هذا العام، في الخريف، أو ربما حتى في الصيف. أي أن أوربا واليابان ودول الخليج الغنية ستفقد احتياطياتها.

ولكن، هل يمكن لرفض سداد الديون أن يحفظ الدولار كعملة؟ هذا ما سوف أجيب عنه في مقالي التالي.

العدد 1105 - 01/5/2024