أردوغان يبتزّ العالم.. والسوريون أمام استحقاق التحرير

كتب رئيس التحرير:

مخطط أردوغان التوسعي يواجه المصاعب، وسعيه إلى اللعب على الحبال أصبح مكشوفاً لدى شركائه الأوربيين، وحليفه الأمريكي، الذين أعلنوا أنهم ضاقوا ذرعاً بسلوكه السياسي المقترن بالتصعيد العسكري والتلويح بإشعال المنطقة التي يحرص الغرب على الاحتفاظ بمفاتيح تهدئتها وإشعالها في جيبه.

أردوغان يهدّد الأمريكيين والروس في هجوم استباقي، فأمريكا مازالت تأمل استخدام أوراق لها في سورية لفرض التقسيم، وروسيا أعلنت غضبها من عدم وفاء أردوغان بتعهداته بلجم المنظمات الإرهابية في إدلب، وسحب السلاح الثقيل، والكف عن سعيه إلى تتريك المنطقة وطمس هويتها السورية، أما أوهامه بضم الأراضي السورية، فتصطدم بإصرار سوري على تحرير كل شبر من الأرض الخاضعة اليوم للاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي.

الأمريكيون، شركاء أردوغان في البهلوانية السياسية، لن يتخلوا عن التأثير التركي في أحداث المنطقة، لكنهم يرغبون بأن يصب هذا التأثير في إنجاح المخطط الأمريكي الشامل، والهادف إلى تسيّد الكيان الصهيوني على المنطقة، واستباحته لمقدراتها نيابة عن الأمريكيين، ونعتقد أن هذه المسألة ستكون النقطة الرئيسية للقاء بايدن وأردوغان في (غلاسكو) على هامش مؤتمر المناخ.

تصعيد أردوغان العسكري، في شمال حلب والمنطقة الشرقية، قابله الجيش السوري باستعداد وإصرار على استعادة المناطق المحتلة، كما واجهه الحليف الروسي بإنذارات أخذت طابعاً عسكرياً، وكان للعشائر السورية والأطياف الاجتماعية دور هامّ في حشد الجهود الشعبية والعمل لتكوين جبهة موحدة لمقاومة العدوان التركي الذي يهدد كيان الدولة السورية بجميع مكوناتها وأطيافها السياسية والإثنية.

تجارب السوريين مع الولايات المتحدة وتركيا لا تشجع على الثقة بأي تهدئة أو تعهد ناجمين من تفاهم بين الطرفين، لذلك لا بديل من مواجهة الاحتلال بجميع الوسائل السياسية والعسكرية ودون إبطاء، فاستمرار احتلال الأرض السورية يعرقل أي جهد سلمي للأزمة السورية، ويدخلها في خانة السكينة الأبدية، وهذا ما يسعيان إليه بالتناغم مع الاعتداءات الصهيونية المتكررة بهدف التصعيد الدائم، واستنزاف القدرات السورية، ومنع المواطنين السوريين من الإعداد لمستقبل بلادهم، بعد عشر سنوات من الجمر قاسوا من الألم خلالها ما لم يقاسِه شعبٌ من شعوب العالم في التاريخ الحديث.

يمكننا هزيمة العدوان التركي والاحتلال الأمريكي، ونحن هنا لا نعيد اكتشاف (البارود)، فمن استطاع الوقوف في وجه الأطماع الأمريكية والتركية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، يمكنه اليوم المقاومة والانتصار، وكل ما هو مطلوب لحسم هذه المرحلة لمصلحة السوريين هو تأمين مستلزماتها السياسية والعسكرية، وبالدرجة الأولى مساعدة المواطنين السوريين على استمرار الصمود عبر حل معضلاتهم المعيشية والاجتماعية، وتوحيد كلمتهم عبر حوار وطني شامل.

المواطنون السوريون متمسكون بأرضهم وبوحدتهم، رغم تداعيات ما جرى خلال سنوات الجمر.

المهمة اليوم تقع على عاتق الدولة السورية في حشد كل الطاقات وتوحيدها لاستعادة السيادة السورية وطرد الاحتلال.

اليأس ممنوع، هكذا تعلّمنا الحياة، لكن المطلوب ألا نُدفع دفعاً باتجاهه، وهذا ما على أصحاب القرار إدراكه جيداً.

العدد 1104 - 24/4/2024