كيف يمكن معالجة ظاهرة الدروس الخصوصية!؟

رمضان إبراهيم:

ظاهرة الدروس الخصوصية استفحلت بشكل غير مسبوق حتى باتت تشكّل حالة مرضية خطرة في مجتمعنا، بعد أن انتشرت كالنار في الهشيم في مراحل التعليم كافة من الصف الأول إلى الثالث الثانوي، وسط غياب لافت من قبل الجهات المعنية عن دراسة أسبابها ونتائجها، ومن ثم معالجتها!

وتتمثل مخاطر هذه الظاهرة بأمور عديدة، منها إضعاف روح الاعتماد على النفس من قبل التلميذ أو الطالب، والاتكال على الغير، وعدم الإصغاء بإنصات للمعلمين الحريصين في الصف (على قلة عددهم) وعدم التفاعل معهم، لأن الأغلبية يعتمدون على تلقّي الدروس الخصوصية في منازلهم، أو في منازل المعلمين أو في المعاهد الخاصة المنتشرة في كل مكان تحت أسماء مختلفة دون رقيب أو حسيب، كما تتمثل بتراجع عطاء معظم المعلمين في الصف بسبب استهتار الطلاب أو هروبهم من صفوفهم، وبسبب اعتمادهم في العطاء على دروسهم الخصوصية المرتفعة الثمن لطلابهم أنفسهم أو لغيرهم ثانياً.

وإضافة إلى أن هذه الظاهرة تهدد جودة التعليم والتدريس في المدارس الحكومية المجانية، فقد أصبحت تستنزف موارد العائلات، وتشكل عبئاً مالياً كبيراً عليها، لأنها، خوفاً على أبنائها من انخفاض علاماتهم وسعياً لتفوقهم ودخولهم الكليات الطبية، تضطر لدفع مبالغ طائلة للمدرسين الخصوصيين.

أبو أحمد (رب أسرة): أنا مجبر على وضع ابني في معهد خاص، بصراحة لأن مستوى التعليم في المدارس الحكومية قد انخفض.

سعاد يوسف (طالبة بكالوريا): المنهاج صعب معقّد، وبالمدرسة ما عم يلحق الأستاذ يحلّ كل التمارين، لهالسبب لازم يكون فيه بديل، وأكيد هالبديل دروس خصوصية.

أم عيسى (موظفة): أنا اضطررت للحصول على قرض كي أتمكن من دفع ما يترتب على ولدي مقابل دروس لمدرّس الرياضيات.

والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم وغيره: لماذا لا تبادر الجهات المعنية (وزارة التربية- مديريات التربية – المجالس المحلية – اتحاد الشبيبة – جمعيات وفعاليات أهلية وإعلامية.. الخ) اليوم وقبل الغد إلى دراسة هذه الظاهرة غير المقبولة وتحديد الأسباب التي أدت وتؤدي إلى تفشّيها، من خلال ورشات عمل تقام في كل المحافظات، ومن ثم وضع الخطط والبرامج الكفيلة بمعالجة هذه الأسباب من قبل الجهات المعنية كل فيما يخصها وصولاً للقضاء عليها أو التخفيف منها إلى الحد الأدنى حتى لا يبقى هذا(السرطان) ينهش في جسد التعليم وفي الأسرة والمجتمع على حدٍّ سواء؟

ننتظر الجواب العملي من أصحاب القرار، ونقول إن استمرار غض الطرف من قبل وزارة التربية ومؤسساتها عن هذه الظاهرة والمسؤولين عنها – رغم وجود تشريع وتعليمات بخصوصها وبخصوص معاهد اللغات – يجعل القائمين عليها في قفص الاتهام من حيث شراكتهم في ارتكاب الأخطاء والخطايا التي كانت وراء استفحالها وتداعياتها السيئة على التعليم العام والمجتمع.

 

العدد 1102 - 03/4/2024