البحث عن موارد بين ساقية جارية ونهر مقطوع

فؤاد اللحام:

تتوالى بشكل متسارع في هذه الفترة القرارات والتشريعات المختلفة التي تهدف إلى زيادة الموارد الحكومية، وذلك في إطار تعويض ما يمكن من الموارد المفقودة من النفط والصادرات والسياحة وتحويلات المغتربين، إضافة إلى مواجهة تلبية الاحتياجات المحلية من المواد الغذائية والطاقة وغيرها.

العمل على تحقيق موارد إضافية للخزينة العامة، لتلبية المزيد من الاحتياجات الأساسية للمواطنين وتحسين مستواها، هي مهمة أساسية أمام كل الحكومات، وتصبح أكثر ضرورة عند تراجع الموارد الأصلية والاضطرار إلى إنفاق إضافي كما في حالة سورية، لتعويض تراجع إنتاج العديد من المنتجات التي كانت متوفرة كالنفط والقمح وغيره.

لكن عملية العمل على تحقيق موارد إضافية جديدة ينبغي أن تعطى المزيد من الاهتمام والدراسة لإمكانية تحقيق الأهداف المرجوة منها وآثارها ومنعكساتها على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وهو ما يبدو غير متوفر في العديد من القرارات والتشريعات المتسرعة التي صدرت مؤخراً ذات العلاقة بالرسوم والضرائب، والتي خلقت نوعاً من الجمود الإضافي في الأسواق والنشاط الاقتصادي بشكل عام.

من المؤسف أن الجهات المعنية الطامحة إلى تحقيق المزيد من الموارد تحت مختلف الحجج والمبررات التي باتت معروفة للجميع لا تأخذ بعين الاعتبار منعكسات هذه القرارات على سائر الأوضاع الاقتصادية، ووضعت نفسها أمام خيار ضريبة ورسم كبير وإيراد متراجع، عوضاً عن ضريبة ورسم مقبول وإيراد متزايد، بمعنى رقم كبير مضروباً بعدد صغير، عوضاً عن رقم مقبول مضروباً بعدد أكبر تكون نتيجته حسب القول المأثور: الاستعاضة بنهر مقطوع عن ساقية جارية.

وكما هي كالعادة تصدر القرارات وتبدأ بعد ذلك الاجتماعات والتوضيحات والتعديلات لترقيع العيوب والنواقص التي تضمنتها هذه القرارات، في الوقت الذي كان من الممكن أو بالأصح من الواجب التمعُّن في دراسة آثار هذه القرارات ومنعكساتها، قبل التسرع في اتخاذها وإعطاء صورة سلبية عن آلية وضع مثل هذه القرارات ومناقشتها وإقرارها.

العدد 1104 - 24/4/2024