الفقراء أخفّ وزناً!

يونس صالح:

كم يبلغ وزن طفلك عند الميلاد؟

السؤال قد يبدو غريباً، لكنه أحد الأسئلة التي أصبح الأطباء ورجال الاجتماع والاقتصاد والإحصاء يُعنون بها.

هو واحد من أسئلة جديدة، تحاول جهود الإحصاء أن تلحق بها، مثله مثل:

– كم يبلغ طول قامة الإنسان في بلادي؟ وهل يزيد متوسط الطول جيلاً بعد جيل أم يقل؟

– كم طفلاً يموت في المتوسط في عامه الأول؟ وكم إنساناً تخطى حاجز السبعين على سبيل المثال؟

– كم يبلغ نصيب الفرد لدينا من الطب، والتمريض، واستهلاك الدواء؟

– وكم يبلغ نصيب الفرد من التعليم والترفيه والثقافة؟

بل وتمتد الأسئلة إلى عيّنة مثل: كم سيدة في سورية تعتمد على المطبخ الحديث بوسائل الطاقة الصناعية المعروفة؟ وكم سيدة تعتمد على الطاقة التقليدية: فروع الأشجار، وقش النباتات؟ وكم يوماً تستغرقه ربة البيت لتجمع هذا القش في كل شهر؟

أسئلة كثيرة حاولت دوائر الإحصاء الوصول إلى إجابات عنها.

بالطبع يختلف الأمر من حيث الدقة، عند تعداد السكان، أو حصر الإنتاج الصناعي، أو عدد تلاميذ المدرسة، ولكن تبقى الأرقام- مع بعض التحفظ- مؤشراً لنوع الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.

تشير المعطيات إلى أن نسبة الأطفال ناقصو الوزن عند الميلاد، أي تقل أوزانهم عن 2500 غرام (وهذا الوزن هو وزن دجاجة تقريباً، لكنه يعني الكثير بالنسبة للساسة والاقتصاديين والأطباء في وقت واحد)- هي نسبة كبيرة في سورية.

يهتم الأطباء بالمستقبل، لذلك فهم يقولون إن ميلاد الطفل بوزن أقل من المعتاد، يزيد من مخاطر الوفاة، بل يؤدي إلى ضعف النمو، ويزيد حالات التخلف.

أما الاقتصاديون فإنهم ينظرون لهذه المعطيات من حيث دلالتها الاجتماعية والاقتصادية، إنها مؤشرات للفقر والتخلف أو الثراء وللصحة، فالأمر يرتبط بسوء تغذية الأم، كما يقول الأطباء، فالأم ذات الصحة الوفيرة تنقل الصحة إلى الأبناء والعكس صحيح.

وبعبارة أخرى لم يعد غريباً أن نردّد: قل لي وزن وليدك، فأقول لك ما هي صحة الأم، وما نوع غذائها، بل وفي بعض الأحيان ما حالتها الاقتصادية.

أجل، الأمر يتعلق بالحالة الاقتصادية، صحيح أن هناك أغنياء يلدون أطفالاً ناقصي الوزن، وفقراء يتخطون حاجز الجوع والمرض وينجبون أطفالاً أصحاء، ولكن ما (حكم العموم)؟ ذلك تؤكده الإحصائيات.

تشير بعض التقديرات إلى أن نسبة الأطفال تحت الوزن الطبيعي يصل في سورية إلى أكثر من 60٪ من الولادات (نسبة تقديرية، ربما تزيد أو تنقص، والسبب عدم وجود إحصائيات دقيقة) بصورة عامة، وهي بأغلبيتها في الأسر الفقيرة.

وهذا مؤشر خطير، معناه أن شريحة كبيرة من الشعب السوري تعيش دون حافة الفقر، حسب معايير منظمة الأمم المتحدة، ومع الفقر يزداد المرض، ويزداد سوء التغذية، وينعكس كل ذلك على الأمهات، وبالتالي على الولادات، والآن عندما يقولون: إن الطفل أقل وزناً، أليس لذلك دلالته؟

 

العدد 1104 - 24/4/2024