آلية تشاور جديدة.. فهل آن الأوان؟!

كتب رئيس التحرير:

جهود جديدة باتجاه إنهاء الأزمة السورية عبر الحلول السياسية أطلقتها زيارة وزير الخارجية الروسي لافروف، إلى دول الخليج، وشاركت فيها تركيا.

لن نتعجل في تقييم جدية المقترحات الواردة في البيان الصادر عن اجتماع لافروف ووزراء خارجية السعودية وقطر والإمارات المتحدة وتركيا، لكن ما توقعناه منذ بداية الأزمة والغزو الإرهابي لبلادنا، والذي يتلخص بـ(أن صمود شعبنا وجيشنا الوطني في مواجهة الإرهابيين والضغوط السياسية والاقتصادية المتمثلة بالمقاطعة وفرض الحصار والعقوبات الظالمة، سيجبر المجتمع الدولي، وبضمنه الدول التي ساهمت في دعم الإرهابيين بهذا الشكل أو ذاك، على إعادة النظر في مواقفها، خاصة بعد نجاحات الجيش السوري الباسل في استعادة معظم الأرض السورية من سيطرة الإرهابيين)، وهذا ما ظهر لا في البيان الروسي الخليجي التركي المشار إليه فقط، بل في مواقف العديد من الدول والمسؤولين الأوربيين، خاصة بعد تشظي الإرهاب باتجاه أوربا، وانكشاف الكذبة الأمريكية الكبرى بأن الإرهابيين رسل حقوق الإنسان والديمقراطية.

وبالعودة إلى مضمون البيان المذكور، فهو أكّد ما أقره القرار الدولي 2254، والتفاهمات الدولية الأخرى، وخاصة (منصة أستانا)، إذ أكد سيادة سورية، ووحدتها أرضاً وشعباً، وعودة المهجرين قسراً إلى البلاد، ونبذ الحلول العسكرية، ودعم جهود المبعوث الأممي الخاص بيدرسون، واللجنة الدستورية، ومواجهة المخططات الانفصالية، ومواصلة محاربة الإرهاب بجميع أشكاله، وأبدى الوزراء الثلاثة استعدادهم لتقديم عملية سياسية تحت إشراف الأمم المتحدة، وطالبوا بضرورة مضاعفة المساعدات الإنسانية للشعب السوري.

وخلال المؤتمر الصحفي للوزراء، أبدوا استعداد دولهم لمساعدة سورية في إطلاق عملية إعادة الإعمار، وطالبوا الأمريكيين بإلغاء حصارهم وعقوباتهم التي تسببت بوصول السوريين إلى حافة المجاعة.

الآلية الجديدة بانتظار تبلور مواقف الأمريكيين والأوربيين من مضمونها أولاً، ومؤشرات حقيقية من محاوري (لافروف) على صدق النوايا وجدية المقترحات، وخاصة قطع أي أقنية لدعم بقايا الإرهابيين ووجودهم في محافظة إدلب وشمالي حلب والبادية، ولجم معارضيهم الذين يعرقلون أي تسوية إذا لم تكن على مقاسهم.

لكن الأهم حسب اعتقادنا هو الموقف الرسمي السوري من الآلية التشاورية الجديدة، هذا الموقف الذي يتناغم مع جهود التسوية السياسية التي تؤيدها سورية منذ انطلاقتها على قاعدة الاعتراف بالثوابت الوطنية السورية التي لا تقبل المساومة، وضمان حقوق المواطنين السوريين السياسية والدستورية والديمقراطية، وخيارهم المستقل دون تدخل خارجي في اختيار قادتهم ونظامهم السياسي.

الآلية المقترحة ستحرك الجمود في جهود السلام الدولية لحل الأزمة السورية، دون البناء منذ اليوم على نتائجها، لكن هذا التحريك، وبمشاركة دول أعادت النظر بموقفها من مجمل الأزمة السورية، قد يعطي دفعاً جدياً للجهود الرامية إلى إنهاء عذابات السوريين وسيادة بلادهم.

العدد 1104 - 24/4/2024