وداعاً أيها الرفيق الشيوعي الفذّ نادر حلاق (أبو الفدا)!

هو من مواليد حلب باب قنسرين عام 1933، نشأ في بيئة شيوعية على يد أخيه الأكبر محمد علي حلاق، ومن بيئة فقيرة. توفي والده الذي كان يعمل كندرجياً وهو لم يتجاوز السابعة من العمر، فترك مدرسته الابتدائية والتحق بمعمل النسيج، واستمر في تعليمه بالدراسة الحرة.

نال شهادة الكفاءة وتمكن من النجاح في مسابقة دار المعلمين عام 1950.

انتسب نادر حلاق إلى الحزب عام 1950 على يد الرفيق محمود صايغ والمحامي بيير شارادورفان.

بدأ نشاطه الحزبي وهو طالب في دار المعلمين، وقد كان الوضع السياسي في البلاد مضطرباً جداً.

شارك، مع الطلاب في حلب ودمشق، في العديد من المظاهرات المناهضة للديكتاتور أديب الشيشكلي وضد المشاريع الاستعمارية، وقد كان حزبنا على رأس تلك المظاهرات، واعتُقل نادر ومكث في سجن المزة لمدة 50 يوماً.

عاد للنشاط بعد تخرجه في دار المعلمين وتعيينه في قرية العليني التابعة لناحية حارم.

لم يقتصر عمله على التعليم في المدرسة، بل مدّ نشاطه إلى فلاحي القرية، وقد أقام العديد من الدورات المسائية لمحو الأمية، ثم تمكن من تأليف فرقة للحزب الشيوعي السوري من هؤلاء الفلاحين.

نشط سراً بين فلاحي القرى المجاورة، وأسس ما يشبه اتحاد الفلاحين، تمخض عنه إرسال برقية للمجلس النيابي للمطالبة بمنع تهجير الفلاحين.

كما أدت الاحتجاجات التي قادها نادر بين الفلاحين إلى زيادة أجر الفلاح من قطاف الزيتون، وهذا كان عام 1957. في السنة نفسها انتقل إلى حلب موجّهاً للثانوية الصناعية، حيث كان له نشاطٌ بارز في المقاومة الشعبية.

في نهاية عام 1957 اختارته قيادة الحزب للعمل في قيادة منظمة ريف حلب.. وأثناء الوحدة ضُيِّق الخناق على الشيوعيين، وطلب من نادر أن يبحث عن بيت سري لأن اعتقاله بات وشيكاً. كان نادر يعتكف في هذا البيت نهاراً ويقوم بعمله الحزبي ليلاً.

وأثناء الظروف السرية تزوج نادر سراً من الرفيقة غفران الخطيب.

بعد 8 آذار عام 1963 وبعد التنقلات بين حلب وبيروت والعمل السري الدؤوب، طلب الحزب من نادر وزوجته العمل في دمشق، في مهمة سرية رفيعة المستوى. وقد سكن نادر وعائلته في بيت سري مع مطبعة الحزب السرية.

بلع عدد نسخ جريدة (نضال الشعب) في هذه المطبعة 10 آلاف نسخة.

عمل نادر وزوجته بمعدل 12 ساعة يومياً ولـ15 يوماً، واستراحة 15 يوماً، متخذاً له اسماً سرياً: جورج، وزوجته: لوريس. طُبع بيان الحزب في هذا المنزل أثناء عدوان حزيران 1967.

لا مجال هنا لذكر تفاصيل هذه المرحلة من حياة نادر، ويمكن الاطلاع عليها في كتابه الذي سينشر لاحقاً (ذكريات ومواقف).

وبالرغم من مخاطر هذا العمل إلا أن نادر وغفران، لإيمانهما بالقضية التي عملا من أجلها، كانا مطمئنين وواثقين من المستقبل الزاهر الذي ينتظر الوطن.

دام العمل في المطبعة السرية أربعة أعوام من عام (1965_ 1969) دون أن تُكشف أبداً.

اعتُقل نادر حلاق عدة مرات وأُفرج عنه دون أن يلفظ كلمة واحدة عن رفاقه وحزبه، بالرغم من التعذيب الوحشي.

التحق نادر وزوجته بالمدرسة الحزبية بموسكو عام 1970 لمدة سنة، وقد علّق نادر: لقد تفتحت عيناي على كنوز الماركسية.

أنهى نادر تفرّغه في الحزب الذي دام 13 عاماً وعاد إلى حقل التعليم، حيث بدأ مراحل أخرى من نضاله ومن حياته في منظمة حلب ولجنتها المنطقية، إلى تبوّؤ مهام حزبية قيادية، وحضوره لمؤتمرات الحزب لا يتسع للحديث عنها، إلا أن نادر كان مخلصاً لمبادئ الحزب ودافع عنها ببطولة أمام جلاديه وفي شتى منعطفات الحياة، عرفه رفاقه بالرفيق المبدئي والغيري.

ستبقى ذكراك يا نادر مخلّدة في ذاكرة رفاقك وكل من عرفك.. ارقد بسلام، فراية الحزب لن تنكّس.

العدد 1105 - 01/5/2024