رؤية.. لا اعتراف

كتب رئيس التحرير:

هل تعتقد يا صديقي أن ما تقترحونه في جريدتكم وفي نضالكم اليومي، سيفكك المعضلات الاقتصادية والمعيشية التي تطحن المواطن السوري الذي دخل نفق الفقر المظلم؟

سؤال وجّهه لي أحد أصدقائي المدمنين على الهمّ السوري المزمن.

أجبته: ليس لدينا أوهام حول تواضع أدوات الحكومة المالية والاقتصادية والنقدية، بعد عشر سنوات من الحرب، وتوقف قطاعات الإنتاج، وخسارة عائدات النفط والفوسفات والترانزيت والتصدير، وتراجع الإيرادات العامة إلى درجة تنذر بالمخاطر. نحن ندرك ذلك جيداً، أما اقتراحاتنا وانتقاداتنا، واقتراحات غيرنا أيضاً، فليس لها مفعول السحر يا رفيق، لكنها ترمي إلى تحسين الأداء الحكومي بالإمكانات المتواضعة الموجودة، وتوفير ما يذهب به الفساد وسرقة المال العام، وحماية المواطنين من تجبّر أسياد الأسواق والمحتكرين، وضعف أداء بعض الوزارات، وتوزيع الموارد المحدودة وفقاً لاحتياجات الفئات الفقيرة والمتوسطة التي تشكل غالبية الشعب السوري.

لقد خسرت بلادنا:

1-نحو 4 ملايين طن من القمح.

2- 400 ألف برميل/ يوم، من النفط.

3- صناعة الفوسفات وتصديره.

4–تجارة الترانزيت.

4-عائدات التصدير.

5- صناعة وطنية عامة وخاصة كانت تسد حاجة المواطن السوري، رغم الظلم الذي تعرضت له بعد انتهاج سياسات (التحرير والانفتاح).

6-منشآت إنتاجية وخدمية، وطرق وجسور وسكك حديدية، وبنية تحتية بناها السوريون عبر عقود.

7-هجرة الكفاءات والشباب السوريين، التي ستترك تأثيراً مخيفاً على مستقبل بلادنا.

لكننا لم نفقد إيماننا باستمرار الصمود السوري في مواجهة الإرهابيين وداعميهم، وطالبنا.. ومازلنا نطالب بعدالة تحمّل تداعيات الأزمة والغزو الإرهابي، فلا يجوز حسب اعتقادنا أن نحمّل الفئات الفقيرة والمتوسطة تبعات الحرب، التي تتوزع بين فقدان الآباء والأبناء والإخوة، والتهجير القسري، وتراجع الدخل.. وفقدان فرص العمل، وارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، في الوقت الذي يسرح فيه ويمرح حزمةٌ من الفاسدين وأثرياء الحرب، وسارقي الأموال العامة، والمضاربين بأسعار القطع الأجنبي.

سنتحمل تبعات وتداعيات العدوان.. والحصار، ومحاولات التركيع، لكن على الجميع أن يتحمل هذه التبعات.. الجميع، وليس الفئات الفقيرة وحدها، وذلك بعد استرجاع أموال الدولة والشعب من سارقيها، وجميع من أثْرَوا وكدّسوا المليارات من معاناة الشعب السوري، وتوزيع الموارد المتاحة وفق حاجات أكثرية الشعب السوري.

فقال لي: هل هو اعتراف بالعجز عن إيجاد الحل النهائي لمآسي السوريين؟

فأجبته: لا يا صديقي. سبق أن أكدنا منذ سنوات، كما أكد مؤتمر حزبنا الشيوعي السوري الموحد الثالث عشر الذي عقد منذ شهور، أن الحل النهائي لمآسي السوريين هو إنجاح الجهود السلمية لحل المسألة السورية، وسيادة سورية على أرضها، وخروج المحتلين، وبدء العملية السياسية، التي تتضمن الدستور الديمقراطي العلماني، والانتخابات النزيهة، واحترام حقوق المواطنين السوريين باختيار نظامهم السياسي، وإعادة الإعمار في سياق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومتوازنة، وذلك عبر حوار سوري- سوري، تساهم فيه جميع الأطياف السياسية والاجتماعية والإثنية . هذه رؤيتنا للحل النهائي للأزمة السورية، وهي رؤية العديد من القوى السياسية الأخرى، أما الحلول الأخرى.. فتبقى مجرد محاولات  لتخفيف حدة الأزمة في انتظار الحل النهائي المستند إلى الثوابت الوطنية السورية، والتي يأتي في مقدمتها إنهاء وجود الإرهابيين، وخروج المحتلين الأمريكيين والأتراك، ووحدة سورية أرضاً وشعباً.

العدد 1104 - 24/4/2024