إلاّ الخبز..

كتب رئيس التّحرير:

إلاّ الخبز، أيها السادة في حكومتنا!

يمكنكم، ونحن نعاني تداعيات الإرهاب والحصار والعدوان والتخوف من انتشار الفيروس اللعين، يمكنكم أن تبتدعوا إجراءات بخصوص معالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي المتأزم، هذه الإجراءات التي لم تؤدِّ حتى اليوم إلى تحسّن واضح في معالجة هموم الناس الحياتية في هذا الظرف الصعب، لكن لا تبتدعوا، ولا تجرّبوا دون دراسة وافية في مسألة تعد من أكثر المسائل حساسية بالنسبة لجماهير الشعب السوري، وهي تأمين خبز المواطن! ولتبقَ مخيلة المقترحين والناصحين بعيداً عن المادة الأهم في غذاء أبناء الوطن!

الجري في الشوارع بحثاً عن الموزعين، الارتباك في التعامل مع البطاقة الذكية، نوعية الخبز الرديئة، المخصصات غير الكافية، الوقت الضائع للحصول على المراد …

هذا بعض ما أظهرته وقائع الأيام الماضية، بعد ضمّ الخبز إلى قائمة المواد الموزعة بموجب البطاقة الذكية، وهي مظاهر تدعو لا إلى الأسف فقط، ولا إلى الحسرة فقط، بل تدعو إلى الغضب، فما يمثله الرغيف لملايين السوريين، وخاصة للفئات الفقيرة، بعد أن حلّقت أسعار بقية المواد الغذائية، يعدّ خطاً أحمر حداً بين الجوع، والقدرة على الاستمرار.

في مرحلة هي الأخطر بالنسبة للوطن والمواطن لا يجوز، حسب اعتقادنا، (التجريب) في إثارة غضب واستياء المواطن السوري، فهي مسألة يعمل عليها اليوم أعداء سورية في الخارج والداخل، بعد عجزهم عن تحقيقها عن طريق غزو الإرهابيين، فمادام المواطن السوري يقف على المتراس مسانداً جيشه الوطني، سيبقى هدفاً لأعداء سورية، ولا يجوز هنا، سواء عن قصد أو دون قصد، إثارة استياء المواطن الذي ضحى بأغلى ما لديه في مواجهة الغزو الإرهابي، ودفاعاً عن كل شبر من الأرض السورية.

المواطنون السوريون يعانون تسلّط حيتان السوق، وأسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى تحلّق يوماً إثر يوم، وجميع الإجراءات الحكومية عجزت حتى اللحظة عن كبحها، واليأس يكاد يتسرب إلى نفوس الناس، في وقت نحتاج فيه إلى بث التفاؤل بقرب انتصار جيشنا الوطني على بقايا الإرهابيين، ومواجهة العدوان التركي الغاشم، والاحتلال الأمريكي، لا إلى إنهاك المواطن بحثاً عن بضعة أرغفة من الخبز، يسدّ بها جوع عائلته، بعد أن عجز عن تأمين سلع أخرى كاللحوم التي أصبحت حكراً على الأغنياء ومن لفّ لفيفهم من (أثرياء الغفلة)!

إننا نطالب الحكومة بالتراجع عن إجراءاتها الأخيرة المتعلقة بتوزيع الخبز، والبحث عن طريقة أخرى تلبي حاجة المواطن إلى هذه المادة الرئيسية، ونحن نقترح بقاء المخابز الحكومية والخاصة هي الموزع الرئيسي للخبز، مع الاستعانة برجال حفظ النظام لتنظيم الدور وفق القواعد الصحية، ورفد المخابز بأعداد من العاملين بعد رفع أجورهم، ومنحهم مكافآت إضافية في هذه المرحلة الاستثنائية التي نمر بها؟

لا نريد هنا تذكير البعض بأهمية تأمين الخبز لجماهير الشعب السوري، وما هي عواقب الفشل في تحقيق هذه المهمة.

العدد 1104 - 24/4/2024