يا لضعفك يا إنسان!!

عباس حيروقة:

في ضوء ما شهده وما زال يشهده العالم كل العالم من تداعيات هذا الوباء الغريب الخطير (كورونا) يقف المرء مدهوشاً قلقاً متوجساً خائفاً هلعاً، ولا سيما حين يرى ويسمع عن تلك الأرقام المتزايدة بشكل يومي أو على مدار الساعة لأعداد المصابين والمتوفين بسبب إصابتهم بهذا الوباء (الكورونا)

لقد وضع الإنسان في حسبانه وتصوراته الكثير الكثير مما قد يصيب البشرية أو الكرة الأرضية من مجازر وحروب وكوارث طبيعية (براكين، زلازل، طوفان، محْل لسنوات سبع أو عشر، اصطدام مذنبات وكواكب بالأرض …الخ)، وعمل محتاطاً لكل هذا وذاك، ولكن لم يخطر بباله أن يأتي فيروس صغير يتهدد وجوده وعظمته وجبروته.

لم يسبق أن ذكر في تاريخ الإنسان أن تحولت مدن وعواصم النور والشمس والحضارات (دمشق – لندن – باريس – واشنطن – روما – بكين) ومدن للاقتصاد والسوق والشركات، إلى مدن خالية كل من فيها وراء النوافذ والأبواب ينتظرون مواتاً رحيماً أو ما قد ينتجه العلم والطب كما ننتظر الآن.

حروب ومجازر ارتكبها وخاضها هذا الكائن (الإنسان) في سبيل السيطرة على العالم، احتل دولاً وقطع رؤوساً وسحق شعوباً ونهب ودمر وأغرق في البحار والأنهار، فخلف آلاف اليتامى والثكالى والأرامل والمعاقين وشرد ملايين الملايين من السكان الأصليين، ملأ الأرض جوراً وظلماً ودماء.

نعم، هذا هو الإنسان ذاته يقف اليوم عاجزاً منهزماً ضعيفاً هشاً أمام فيروس صغير صغير.

فيروس (كورونا) عرّى الإنسان أمام ذاته وضعه قبالة مرآة قبحه وضحالته، فهل يتحطم هذا المخلوق الذي خصّه الله دون غيره بالعقل وبالمعرفة، وبالعلم، وبأشياء وأشياء، ليعمر الكون والأرض حباً وسلاماً وخيراً؟!

وهل فيروس صغير جداً يحطم كل جيوش الإنسان الجرارة وطائراته واختراعاته وحضاراته الممتدة لآلاف آلاف السنين؟!

أين ما كان يتشدّق به ويفاخر ويباهي ويتجبر ويتكبر؟

أين منظومة الدول الكبرى، دول البريكس، العشرين، الإيزو، مجالس التعاون الاقتصادية، دول مجموعة الثماني، صندوق النقد الدولي، منظمات التجارة العالمية البورصات، أسعار النفط، إضافة إلى منظومة الدول العربية، الإسلامية …الخ؟

أين نظريات وفلسفات وطروحات نهاية التاريخ وصراع الحضارات؟ أين عنجهية أمريكا واحتلالها للدول وتهديداتها بإسقاط أنظمة حكم هنا وهناك؟ أين بريطانيا، الصين، روسيا، أين الجامعات، مراكز البحوث، أين رجالات الفكر والفلسفة والثقافة والسينما، دور العبادة الجوامع، الكنائس، مكة، النجف، الفاتيكان؟!

أيعقل أن يُجبر صاحب كل هذا الجبروت على العودة كضبّ جبان إلى جحره هارباً خائفاً مرتجفاً من فيروس صغير صغير؟!

فيروس صغير للغاية يجعل من عواصم العالم، بل من مختلف مدن العالم فارغةً خاليةً وكأنها مدن أشباح، أو كأن ما نشهده هو لقطات من فلم أجنبي مهيب وخطير ومتقن النص والإخراج.

والسؤال الهام جداً هل ستتسرب بعد عقود من ملفات أجهزة أمن دولة كبرى تفاصيل خلق وصنع هذا الفيروس (كورونا) وكيفية العمل على نشره وانتشاره ومن ثم السيطرة عليه ليكون ورقة أخيرة لهذه الدولة أو تلك لفرض هيمنتها على العالم كله اقتصادياً من خلال بيع العقار الذي تم إعداده وتصنيعه من لحظة تصنيع الفيروس؟!

حينئذٍ هل سنطلق صرختنا المدوية في وجه القبح:

يا لقبحك، يا لغبائك!

 يا لضعفك يا إنسان؟!

العدد 1104 - 24/4/2024