السيناريو أمريكي.. والصمود سوري

رئيس التحرير:

يتوضح شيئاً فشيئاً مضمون السيناريو الذي تعمل على تنفيذه الولايات المتحدة اليوم في المسألة السورية، والذي يمكن اختصاره بالخطوات التالية:

  1. تخفيز أردوغان ومساندته في سعيه لعرقلة التخلص من الإرهابيين في إدلب، وعودة هذه المحافظة إلى السيادة السورية.. ولو تطلّب الأمر الضغط السياسي على الطرف الروسي، والدعم اللوجستي لأردوغان، وتحريك (الناتو) لمساندته بهدف إحداث ضجة دولية حول المخاطر (الإنسانية) لاقتحام إدلب.
  2. تعزيز الوجود العسكري في مناطق النفط السوري (في المناطق الشمالية والشرقية)، لمنع الدولة السورية من تعزيز قدراتها الاقتصادية، في ظل الحصار والعقوبات، وتراجع الإيرادات العامة.
  3. منع أيّ تقارب بين ممثلي القوى السياسية الكردية والحكومة السورية، وتغذية نوايا قادة بعض المنظمات الكردية بالعودة إلى (نغمة) التقسيم، وإقناع أردوغان بتأجيل ردّه على (الخطر) الكردي المزعوم.
  4. حرمان الدولة السورية من استثمار المحاصيل والثروات والطرق والتبادل بين المناطق الشمالية والشرقية وبقية المدن السورية.
  5. الضغط على الزر (الصهيوني) بعد كل إنجاز تحقّقه قواتنا المسلحة في مواجهتها للإرهابيين والعدوان التركي، ثم الضغط على الزر (الإنساني) في المحافل الدولية، لرفع الصوت في وجه السوريين الذين يدافعون عن سيادة بلادهم وأرضهم وثرواتهم!
  6. تسليط قانون (قيصر) الذي يبدأ سريانه في شهر حزيران القادم على جميع الأطراف المعرقلة لهذا السيناريو، وخاصة سورية وروسيا وإيران.

هذا السيناريو لم يفاجئ أحداً من المواطنين السوريين، فهم لم يتوقعوا يوماً انزياحاً أمريكياً باتجاه حلحلة الأزمة السورية، أو أزمات أخرى تهدد السلم والاستقرار العالميين، وهم يعوّلون اليوم لا على (معجزة) التراجع الأمريكي، بل على استمرار التقدم السوري الذي يأتي في طليعته إنجازات الجيش السوري الوطني في مواجهة الإرهابيين واستعادته لعشرات المناطق والقرى في أرياف حلب ومحافظة إدلب، وإصراره على دحر العدوان التركي والاحتلال الأمريكي، ووضع الشروط السورية لأي جهد دولي سلمي لحل الأزمة السورية، معوّلاً على مساندة أصدقائه وحلفائه وخاصة الحليف الروسي الذي يصر على سيادة سورية واستعادتها لأرضها ووحدة شعبها.

الصمود، ثم الصمود، هو حجر الزاوية في هزيمة المشروع الأمريكي الصهيوني التركي الإرهابي، وهذا ما يدركه كل وطني سوري، وهذا ما أكدته وثائق المؤتمر الـ 13 لحزبنا الشيوعي السوري الموحد، وهذا ما نأمل أن يدركه أيضاً أصحاب القرارات وموجّهو السياسات على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

استمرار الصمود هو الرد الطبيعي.. الواقعي، لشعب يطمح إلى الحفاظ على سيادة بلاده ووحدتها، لكن لهذا الصمود مستلزمات يجب أن تُلبَّى، ومناخات ينبغي أن تُهيَّأ.

الأعمى وحده من لا يرى تداعيات الضغوط الاقتصادية والحصار الجائر على الدولة السورية، وما تسبّبه من معاناة بالغة لجماهير الشعب، لكن الأعمى من لا يرى أن هذه الضغوط ليست السبب الوحيد لهذه المعاناة، فهناك أسباب أخرى تتعلق بقصور الأداء الحكومي في مواجهة هذه الضغوط والعقوبات، وخاصة في الاهتمام بتلبية مصالح الفئات الفقيرة والمتوسطة التي تشكل الداعم الأكبر لجيش سورية المقدام، والتي مازالت تشد على البطون منذ بداية الأزمة والغزو الإرهابي، في الوقت الذي تشاهد فيه بأم العين مظاهر الفساد والبذخ والتحكم والسمسرة في الأسواق البيضاء والسوداء.

في مواجهة العدوان التركي والاحتلال الأمريكي والاعتداءات الصهيونية وبقايا الإرهابيين، جيشنا الوطني، وشعبنا الصابر الوفي، هما الضمان لتحقيق النصر النهائي.

فلتتركّز جميع الجهود الحكومية لتعزيز الوحدة الوطنية.. واستمرار الصمود!

العدد 1104 - 24/4/2024