روح الميلاد أمنية كل سوري

سليمان أمين:

للميلاد تجليات روحية جميلة تحلم بها كل روح إنسانية، فالميلاد برمزيته الكونية هو النور الذي يمحو الظلام فتزهو معه جنات الحياة. الميلاد ليس شكلاً ومظاهر للفرح فوق الحزن والجراح الكبيرة، بل هو فرح وسعادة لتحقيق حياة سعيدة و أحلام مؤجلة، فأين نحن اليوم من الميلاد الحقيقي رغم انتشار كل مظاهره وأشكال الفرح التي غلب عليها لون الحاجة والحزن والفقر؟؟ أين أحلام كل سوري بقليل من الفرح تغمر قلبه وهو يعيش بأمان وبغير عوز وفقر؟؟ هل خلت شوارعنا من الأطفال المشردين؟؟ هل وقفت الحرب عن استنزاف أرواح الشباب الأبرياء؟؟ وهل وقفت الوحشية عن حرمان الأطفال من آبائهم؟؟ هل عاد الشباب لحياتهم الطبيعية ولسوق العمل ليكملوا حياتهم من دون حرمان؟؟

بعد سنوات الحرب الطويلة لم يعد للفرح أي لون جميل في وسط هذه الظلام الذي يلفنا جميعاً، فقد ازدادت أعباء السوريين وغمرهم الفقر بأحضانه الواسعة، ومع نهاية هذا العام بات شبح الفقر يكبر أكثر وأكثر، والغلاء يجتاح كل مفاصل الحاجات الأساسية والمكملات الأخرى للسوريين، باتت أحلام كل المواطنين اليوم معلقة بجوارب الغد منتظرة الحلول الغائبة، منذ سنوات وأحلام الشباب السوريين بأن يحصلوا على بطاقة العودة لحياتهم المدنية، بعد خدمة عسكرية طالت وطالت، وليست أحلام العسكري المقدسة الوحيدة بل هناك المزارع الذي يتوق انتظاراً لعودته إلى حراثة أرضه وزراعتها، والصناعي الذي مازال يبحث عن طرق مفتوحة وأيدٍ شابة للعمل، مازالت الأمهات ينتظرن أولادهن للعودة إلى بيوتهم، ومازال الكثير من الأطفال مشردين في شوارع المدن الكبيرة يحلمون بسرير وقطعة حلوى وليلة دافئة، هذه ليست سوى أمثلة بسيطة وقلة القلية مما يعيشه السوريون اليوم من ألم وحزن لا يضاهيه أي حزن في مكان آخر. ورغم ذلك ما زالت ابتسامتهم تزين شفاههم مخبئة الوجع في سرير الروح على أمل ميلاد جديد يحمل معه نوراً جميلاً يزيل عتمة هذه السنوات القاسية والمؤلمة، ويزرع الفرح على شرفات كل مواطن أحب سوريته وعشقها ورفض التخلي عنها رغم كل المآسي والأتراح.

العدد 1104 - 24/4/2024