صامدون لأننا واقعيون.. جهود جديدة لعقد (الدستورية)

مازالت إدارة ترامب تمارس سياسة التصعيد حتى حافة الهاوية للحصول على المكاسب القصوى، ومازالت الدول الأوربية الحليفة (المرتعشة) من (مفاجآت) ترامب، تحاول إرضاءه هنا.. وهناك، غير عابئة حتى بإرثها السياسي الذي اتسم منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية بعدم التطابق مع السياسة الأمريكية في العديد من المنعطفات الكبرى.

في الحالة السورية يحاول الأمريكيون اليوم استخدام جميع أساليب الضغط على سورية دفعة واحدة، فهم يدعمون وجودهم العسكري على الأرض السورية، ويتشاركون مع تركيا أردوغان بإنشاء مناطق نفوذ (آمنة)، ويحاولون تقسيم سورية تحت مسميات مختلفة، في الوقت الذي يضيّقون فيه الحصار ووضع القوانين لخنق الاقتصاد وزيادة معاناة الشعب السوري، ويعرقلون فيه جميع المبادرات السلمية لحل الأزمة السورية.

هذا السلوك الأمريكي المعادي لسورية وشعبها لم يفاجئ القيادة والشعب في سورية، فهم أدركوا منذ بداية الغزو الإرهابي لبلادنا واستناداً إلى تجاربنا مع السياسات الأمريكية، أن انتظار الفرج عبر البوابة الأمريكية هو نوع العبث الذي لا يستقيم مع شراسة الغزو الإرهابي، والإصرار الأمريكي على تنفيذ المخطط الذي وضع للمنطقة بأسرها، وأن الواقعية تقتضي المضي حتى النهاية في مواجهة الإرهاب الفاشي، ومخطط الهيمنة الأمريكية.

قد تلجأ الإدارة الأمريكية إلى استخدام أساليب ضغط جديدة لإفشال أي انفراج على الأصعدة الميدانية والسياسية والاقتصادية، واستخدام الملف السوري كورقة ضغط في صفقات هنا وهناك، لكن السوريين الذين رأوا بارقة الأمل من خلال صمودهم وراء جيشهم الوطني، الذي استعاد معظم الأرض السورية، لن يتنازلوا عن واقعيتهم، ولن يتحولوا إلى حالمين بتغيير ما قد يطرأ على السياسة الأمريكية في سورية والمنطقة، بل سيواصلون مواجهة الإرهابيين في البؤر المتبقية تحت سيطرتهم، واستعادة وحدة بلادهم أرضاً وشعباً.

وفي الوقت ذاته، يسعى الموفد الأممي بيدرسون، بالتنسيق مع الأطراف المتداخلة في الأزمة السورية، إلى إيجاد مخرج لعقدة تشكيل اللجنة الدستورية، وسط أنباء عن قرب التوصل إلى حل توافقي بين هذه الأطراف، وأن الاجتماع الأول لهذه اللجنة لن يكون بعيداً.

بيدرسون سيزور دمشق للتشاور والتنسيق، وهو يعلم مسبقاً أن الحكومة السورية لن تدخر جهداً من أجل إنجاح المساعي السلمية، لكنها ترفض المساومة على استقلالية قرارها.

ربما سيضطر السوريون إلى قضاء وقت أطول خلف المتاريس، بل قد يشدون أكثر على البطون، لكنهم لن يستسلموا.

وكل ما نطالب به اليوم هو ارتقاء الأداء الحكومي إلى مستوى تضحيات شعبنا وجيشنا وصمودهما، وبذل أقصى الجهود لتخفيف آثار الضغط والحصار والتضييق، وخاصة على الفئات الفقيرة والمتوسطة من أبناء شعبنا، واستخدام الموارد المتاحة بصورة عقلانية لدعم القطاعات المنتجة، ومساعدة المنتجين السوريين على كسر الحصار.

العدد 1105 - 01/5/2024