وادي اسكفتا في يبرود أقدم أودية العالم

‎يعود الفضل في اكتشاف وادي اسكفتا الأثري في يبرود إلى عالم الآثار الألماني ألفريد روست، الذي انطلق عام 1930م على دراجته متوجهاً من ألمانيا، للمشاركة في البحث والتنقيب عن آثار عصور ما قبل التاريخ في منطقة الكرمل والصحراء الفلسطينية، مع بعض علماء الآثار الأوربيين، ولكن تشاء المصادفات أن يمر ببلدة يبرود التي تقع على بعد حوالي 80 كم شمالي دمشق، ويكتشف في أحد اوديتها المجاورة وهو وادي اسكفتا أنه كان يحوي مستوطنات لإنسان العصور الحجرية، فبدأ البحث في هذا الوادي على مدى أربعة مواسم للتنقيب استمرّت من عام 1930_  1933م، واكتشف ثلاثة ملاجئ لإنسان العصور الحجرية، وكان أهمها الملجأ الأول الذي عثر فيه على آثار 25 طبقة حضارية حجرية صوانية متوضّعة بعضها فوق بعض، وكانت أقدمها الحضارة اليبرودية الفريدة التي تعود إلى حوالي 250 ألف سنة مضت، وقد ضمن ألفريد روست مجمل دراساته في كتابه الشهير (مكتشفات مغاور يبرود) الذي أصدره عام 1950م، والذي يثبت العلاقة والصلة بين حضارة يبرود الحجرية القديمة، واكتشافات مشابهة لها في أوربا ومنطقة القرم. ويعتبر هذا الكتاب من أهم المراجع لدارسي عصور ما قبل التاريخ المشرقي.

وعلى ضوء اكتشافات ألفريد روست قدمت بعثة أثرية أمريكية إلى يبرود في الأعوام من 1963 إلى 1965 م، واكتشفت ثلاثة ملاجئ أخرى لاستيطان إنسان العصور الحجرية في هذا الوادي. يقول نورالدين عقيل الذي شارك في عمليات التنقيب في وادي اسكفتا مع البعثة الأثرية الأمريكية التابعة لجامعة كولومبيا، التي حضرت إلى يبرود ثانية برئاسة البروفيسور رالف سوليكي في الأعوام 1987، 1981، 1989م، ما يلي: أن وادي اسكفتا في يبرود يعتبر من أهم وديان العالم ﻷنه كان موطن أقدم انسان عرفه التاريخ في منطقة الشرق الأدنى أقام فيه حضارة حجرية متميزة.

وأضاف إن البعثة الأمريكية اكتشفت في هذا الوادي ملجأين آخرين، وعثرت فيهما على لقى وآثار لإنسان العصور الحجرية القديمة والوسطى والحديثة، كما عثرت على بقايا حيوانات كبيرة وصغيرة عاشت في هذا الوادي، وأهمها حيوان وحيد القرن والأحصنة البرية والسلاحف وقشور بيوض الطيور، كما عثرت على أقدم طبعة قدم بشرية في العالم مغروسة في طين هذا الوادي، على عمق ستة أمتار تحت سطح الأرض الحالية في الملجأين الرابع والخامس، كما عثرت على أكبر وأقدم موقد للنار في التاريخ قرب الملجأ الأول مما يؤكد أن البشر الذين استوطنوا هذا الوادي اكتشفوا النار واستخدموها، وأنشؤوا حضارة حجرية تعتبر من أهم الحضارات الحجرية في العالم القديم. وأضاف عقيل عن القبور والمدافن الحجرية المحفورة في صخور هذا الوادي: أثبتت الدراسات والأبحاث أن إنسان يبرود في العصور التالية كان يؤمن بالحياة بعد الموت، وذلك عن طريق تجهيز قبور فخمة لموتاه محفورة في عمق الصخور الصلبة، منها ما كان فردياً، ومنها مقابر جماعية لأُسر أرستقراطية حكمت هذه المنطقة، هي غاية في الروعة والإبداع.

العدد 1105 - 01/5/2024