أنا أنثى.. وجعبتي حديدية

غزل حسين المصطفى:  

(كل بنت بتخلق حلمها… تشوف الأبيض عَ جسمها)

جملة في أغنية شبابية حديثة تَنزل على مسمعي وكأنها حمم بركان، بغضّ النظر عن الرؤية الفنية، ولكن عوّلنا يوماً ما على الفن ليحمل رسالة ويقدمها للمجتمع، أردنا أن يساعدنا لا أن يقف بصفّ المُخربين!!

كلامي ليس تعميماً ولا لإلقاء كل اللوم والمسؤولية على الفن، ولكنه ساهم فيما نسعى له لكسر جليد العقول، هذه العقول التي تُردّد ما تلقّته دون تفكير، تُعيد رسم مستقبلها على أساس ماضيها.

لماذا لا يكون حلم الفتاة إلاّ الزواج!؟

لماذا لا يكون حلمها أن تكون وزيرة، رئيسة، مديرة، أو طبيبة!؟

أين حقها في فتح مشروع عمل خاص أو الخوض في غمار الوظيفة مثلاً؟

أولاً، لا أنكر وجود إناث حالمات طموحات ومُجدّات، ولكن مهما بلغت الأنثى في مجتمعي من مكانة، فإنها تبقى ضمن صورة نمطية محدودة!

لا ألغي أهمية الارتباط والاستقرار العاطفي، ولكن ليس هناك مبرر لما هو مرسوم في صورة المرأة،

هل هذا منظوري وحدي؟ أين فتيات جيلي ممّا أفكر!؟

طرقت بسؤالي بابهن لأعرف مدى تمسّكهنّ بحقهن في العمل والتعليم، أو تحقيق الذات بشكل عام، وجاءت الإجابات ربما كما تمنيت.

لقد أجمعت غالبيتهن على أهمية إتمام الدراسة الجامعية لكونها المفتاح الشرعي نوعاً ما لأحلامهن، وحتى لو لم يكن السعي نحو حلم محدد، فالظروف والحياة الواقعية اليوم تفرض علينا العمل ومناصفة الرجل الأعباء المتزايدة، مع الحرص الشديد لبعضهن على عدم تأثّر العائلة عموماً وأطفالهن مستقبلاً على وجه الخصوص بفكرة العمل.

هنا لي تعقيب: أمي موظفة ومتعلمة ولم أتذكر أنني في يوم كنت أنقص عن أقراني، أولئك الذين قررت أمهاتهم التفرّغ الكلي لهم، تقول أمي: (دائماً بترتيب الأولويات وتنظيم الوقت وصلت إلى كل ما أريد).

عدت وسألت المجتمع والمحيط الاجتماعي خصوصاً أين هو ممّا أنتن عليه؟

قد ترفض بعض الأسر فكرة العمل، أو من الممكن حصره بشروط معينة يقبلها المجتمع للفتاة بكونه يعطيها خصوصية مُعيّنه تندرج تحت حالة من التمييز على أساس النوع الاجتماعي(الجندر)، ولكن في الغالب توصلنا مع المجتمع المحلي لنا إلى(اتفاقية) لنضمن لكلا الطرفين الراحة ربما، أو لنضمن لأنفسنا نوعاً من السلام. في النهاية من المفترض أن تكون المعاملة من منطلق أن كلا الجنسين إنسان طبيعي يتمتّع بحقوق إنسانية عامة.

هل يعترف المجتمع اليوم بأهمية دور المرأة في سوق العمل؟

الفكرة قد لا تقف على اعتراف، أولاً، الموضوع أصبح واقعاً راهناً، وهذا لا يعني انعدام العراقيل وحالات النكران أو تقليل الشأن وربما الرفض!!

أما أنا فلم أسهر الليل وتحرقني شمس الصيف بانتظار وسيلة نقل حتى ينتهي بي المطاف إلى روتينٍ منزليٍّ قاتل.

خُلقت وفي خلدي صورة مستقبلية لنفسي أسعى بكل حواسي حتى أصل إليها، لن يثنيني شيء عن هذا، وفكرة العمل فكرة جوهرية أساسية لما تؤمّنه لي من وجود وتجارب وحتى استقلال مادي يجعلني أشدُّ قوة وصلابة في مواجهة الحياة.

كَوني أنثى لا يعني أن حياتي وردية، أنا أنثى وجعبتي حديدية.

العدد 1105 - 01/5/2024