بين ذكرى رحيل سلطان والجولان السوري

السويداء – معين حمد العماطوري:

يعتبر يوم السادس والعشرين من آذار يوماً يتجدد فيه العشق الانتمائي لزمن الأبطال والثوار، نتذكر فيه قائداً زأر يوماً بصوته جهوري: (إلى السلاح إلى السلاح! ما أُخذ بالسيف بالسيف يؤخذ، اطلبوا الموت توهب لكم الحياة، الدين لله والوطن للجميع!). شعارات أطلقها والتزم بها ونفذها.

وهو اليوم الذي تكلل قبل سبعة وثلاثين عاماً بالحزن والأسى على رحيل قائد الثورة السورية الكبرى (1925 1927 وصانع المجد والاستقلال لسورية: سلطان باشا الأطرش. فقد استفاق الناس يومذاك على صوت المذيع وهو يئن بدموعه وخلجات قلبه: إن سورية فقدت جسداً أحد أهم أركان استقلالها من الاستعمارين العثماني والفرنسي، وتنادى الناس بين مصدّق للخبر ومكذّب له، ولكن كان القدر أقوى من أمنيات السوريين.

فالأمهات اللواتي كن يفرحن بعيدهن قبل أيام انقلب فرحهن إلى حزن، والمعلم الذي يكاد يصل لدرجة الأنبياء بعطائه وقف أمام طلابه خاشعا وجلاً، وتحولت أيام الربيع الزاهية بشمسه الساطعة، الصافية ببساطها الأخضر السندسي، إلى انحناء وصمت مرين، ضاربين الأكف بالأكف متأسفين على الرحيل، وصوت سلطان الأطرش يعبق في الصدور بنخوته وعزيمته ورجولته، وحتى فرسه دمعت عيناها على الفراق، حتى السماء بكت، والبيارق رفرفت لتعيد مجد الكفر والمزرعة والمسيفرة والغوطة وراشيا ودوما وغيرها. وبدأ الشعراء والصحفيون والأدباء يكتبون، وكل يعيش غمار المناسبة حتى الدبابات والمدافع أخذت تودع القائد، والطائرات تحلق بالسماء تناشد الزمن، وسيوف الثوار المعاصرين يحملون غصن الزيتون بيد وسيفهم اللامع بيد، يئن الفؤاد بدم وصيته الخالدة.

وفي السادس والعشرين من آذار عام 2019 يقف أهالي السويداء ينتخون بسلطان الكرامة والعزة وعمائم البطولة والشهامة ورجال الشمس المرابضين على تخوم الأرض السورية، محققين النصر على الإرهاب والإرهابيين والكفر والتكفيريين، وطهروا أراضي ريف دمشق والمحافظات من رجس النصرة والتنظيمات الإرهابية، يهزجون لمن كانت إرادتهم أقوى من الصخر حينما رفضوا الهوية الاسرائيلية وأسقطوا انتخابات العدو الصهيوني المزورة، الفاتحين في قرص السماء سجلاً جديداً خالداً في الوطنية والفداء مردّدين ما قالته المرجعيات الدينية والاجتماعية في سورية عامة وجبل العرب خاصة : أن اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا!

بذكرى رحيلك يا أبا الثوار، أهالي السويداء بفعالياتها يقفون أمام صرحك الشامخ، وأنت ترمح على خيوط الشمس، فوق فرسك شاهراً سيفك في وجه الأعداء تحدو حداء المجد، وتنخي أحفادك أن يحملوا الراية بعدك، وهم يستمدّون من تراثك ما يجب قوله لأهلها في الجولان قائلين:

جولان وأنت عزّنا             كيد العدا ما هزنا

نموت ونبقى بعزنـا             نموت ونبقى بعزنا

مستذكرين شقيقك المجاهد البطل زيد الـطرش وهو يغرد بصوته:

يا مذيعاً لا تغمغم بالكلامي                اليا قلت نار الوغى قل من يشبّا

وغيرهم عصبـة نشـامى ما تغبا          وغيرهم عصبة نشامى ما تغبّا

موجهين لأهلنا الصامدين في ربا الجولان، قائلين ما ردده الأبطال المقاومون المؤسسون للبناء والتنمية أنه سيكون في قلب سورية، وأن سورية بأطيافها وتنوعها، كما زحفت في مثل هذا اليوم المهيب إلى السويداء لتودع القائد العام للثورة السورية الكبرى، تؤكد اليوم، بعنفوان سوريتها وعزيمة أبطالها وقداسة شيوخها وتاريخ رجالاتها وشجاعة جيشها وحكمة قائدها، أن الجولان عربي سوري، وكما ارتفع علم الجمهورية العربية السورية ماضياً في الأراضي المحتلة، سيرتفع بيد أبطال الجولان فوق أرضه الطاهرة اليوم.

لك يا جولاننا، وأنت تزهو بانتصاراتك اليومية على كيد الأعداء ومخططات الصهيو أمريكي، أن علمك سوري، وهويتك سورية، وأرضك سورية، ورجالك هم سوريون، وستبقى، ولن يموت حق وراءه مُطالب.

العدد 1104 - 24/4/2024