أمريكا تدفع باتجاه تقسيم سورية

شهدت الأيام القليلة الماضية تحرّكاً روسياً متعدد الأشكال لاستئناف الجهود السياسية لحل الأزمة السورية، على قاعدة مكافحة الإرهاب، وضمان سيادة سورية، ووحدتها أرضاً وشعباً، كما شهدت تحرّكاً أمريكياً مضادّاً يسعى إلى عرقلة هذه الجهود، ووضع الخطوط الرئيسية لسيناريو تقسيم سورية.
الدبلوماسية الروسية، وعلى رأسها وزير الخارجية لافروف، حطت الرحال في دول الخليج العربي، في محاولة صعبة لكسب التأييد.. أو على الأقل لضمان عدم ممانعة هذه الدول للجهود السلمية التي تقودها روسيا والدول الضامنة والمتفاعلة مع (أستانا)، خاصة بعد إنجازات الجيش السوري وحلفائه، واستعادته لمعظم الأرض السورية.
وحسب تقديرات المراقبين، فقد حصلت الدبلوماسية الروسية على وعودٍ بتفهُّم أفضل من جانب دول الخليج لمساعيها، دون أي انعطاف بارز في مواقف هذه الدول مجتمعة، لكن التباين كان واضحاً من هذه المسألة بين دولة وأخرى، وأعقب ذلك إعلانٌ روسيّ عن قرب تحديد موعدٍ لبدء عمل اللجنة الدستورية.
أما التحرك الأمريكي المضاد فقد تجسّد في طلب الإدارة الأمريكية من حلفائها الأوربيين الموافقة على سيناريو قيد الإعداد لفرض (الاستقرار) في شمال وشرق سورية، ويتضمن ضمانات بعدم اشتباك تركيا والمنظمات الكردية.
الأمريكيون يعرقلون الاستقرار في سورية، ويضعون العراقيل أمام نجاح أي حل سلمي منذ بدء المساعي السلمية، لكنهم اليوم سيضمنون ما يسمّونه (استقراراً) في شمال وشرق سورية! بعيداً عن سيطرة الدولة السورية.. أي تقسيم سورية، مهما تعددت تسمية هذه السيناريوهات، أما باقي الأراضي السورية، فلا يجوز لها، بحسب السيناريو الأمريكي، التنعّم بالاستقرار، بل بالضغوط السياسية، وبالحرب الاقتصادية، وبالحصار.. وبفرض الشروط التي تنال من سيادة سورية!
الأيام القادمة ستشهد، حسب توقعاتنا، تصعيداً أمريكياً يهدف إلى إيصال المسألة السورية إلى حافة البركان، بهدف الحصول على مكاسب في مرحلة الحوار حول العملية السياسية، ولا نستبعد جميع أشكال الضغط وبضمنها العدوان، فالإدارات الأمريكية لا تعدم افتعال المبررات ولا تنتظر تفويضاً دولياً.
السوريون يشهدون اليوم أقذر تدخّل أمريكي، غربي، تركي، لمنع الدولة السورية من استثمار إنجازاتها في استعادة أراضيها ودحر الإرهابيين، مما يتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى، تدعيم صمود الشعب السوري خلف جيشه الوطني، والإصرار على مقاومة هذه التدخّلات، والحفاظ على الموقف الوطني الثابت والمتمثل في استمرار مواجهة الإرهابيين، وعدم التفريط بسيادة سورية ووحدتها، وضمان حقوق الشعب السوري في تقرير مصيره وبناء مستقبله الديمقراطي.. العلماني، عبر حواره الوطني الشامل.

العدد 1105 - 01/5/2024