انسحاب أمريكي بطيء.. والسوريون أفشلوا مشاريع التقسيم

حل المعضلات المعيشية يحبط محاولات التيئيس

رغم تصريحات بعض مسؤولي الإدارة الأمريكية حول إمكانية تراجع ترامب عن قراره بالانسحاب العسكري من سورية، وتأكيد آخرين أن هذا الانسحاب سيكون بطيئاً تحسباً لمجاراة الأحداث في منبج والمنطقة الشرقية، فالمعلومات المتوفرة تؤكد انسحاب وحدات من القوة العسكرية الأمريكية مترافقاً مع تبجحات أمريكية بأنهم أدوا مهامهم في القضاء على داعش.

إصرار ترامب على تنفيذ قراره بالانسحاب من سورية لا يمكن تفسيره إلا بالاستناد إلى الوقائع الميدانية التي تدلل على اقتراب هزيمة مشروع الأمريكيين في سورية، هزيمة مخططات التقسيم التي وضعت في المطابخ السياسية الإسرائيلية الأمريكية التركية، بهدف تفكيك السند الرئيسي لمحور مقاومة تحول الشرق الأوسط إلى محمية أمريكية صهيونية.

ملامح هزيمة المشروع الأمريكي ظهرت بعد الإنجازات الكبيرة التي أحرزها جيش سورية الوطني المدعوم من جماهير الشعب السوري، في تصديه لغزو الإرهاب الفاشي، واستعادته لمعظم الأرض السورية، وإعادة الاستقرار والأمن لمعظم المدن الرئيسية وحصر بقايا التنظيمات الإرهابية في جيوب صغيرة.

ظهرت بوادر هزيمة المشروع الأمريكي أيضاً بإصرار الشعب السوري على الصمود في وجه محاولات التقسيم، والتمسك بوحدة بلاده أرضاً وشعباً، والمضيّ في إنجاح المساعي السياسية لإنهاء الأزمة السورية.

الانسحاب العسكري الأمريكي لا يمكن تفسيره بانسحاب التأثير، والتدخل السياسي، بل ربما يترافق مع تفعيل هذا التدخل، خاصة في جولات المسؤولين الأمريكيين إلى دول المنطقة لوضع السيناريوهات السياسية للضغط باتجاه عرقلة المساعي السياسية والحصول على مكاسب في التسوية النهائية، وهاذ ما بحثه (بولتون) في جولته الأخيرة.

إن كل إنجاز يحققه جيشنا الوطني في بسط سيطرته على الأرض السورية، يشكل لجماً للتأثير الأمريكي، وهذا ما ظهر في دخول القوات السورية إلى منبج.. وربما بعد ذلك إلى المنطقة الشرقية، ضمن توافق سعي إليه ممثلو القوى الكردية المعادية للتقسيم، والمواجهة لأطماع أردوغان وتهديداته باجتياح المنطقة الشرقية.

تفاؤل المواطنين السوريين باقتراب سيطرة جيشنا الوطني على جيوب داعش والنصرة وحلفائهما.. وداعميهما، والانتصار النهائي ينبغي حسب اعتقادنا أن يتعزز بحزمة من الإجراءات الحكومية التي تتركز على حل المعضلات المعيشية المزمنة التي تعانيها فئات الشعب، وخاصة الفقيرة والمتوسطة، فالغلاء.. وفقدان الغاز والمازوت وانقطاع الكهرباء واستشراء الفساد، وتراجع الأجور الحقيقية أمام ارتفاع الأسعار.

إن الحفاظ على هذا التفاؤل ولجم محاولات التيئيس، يفترض تحركاً حكومياً جدياً لتلبية متطلبات الحياة الكريمة للمواطن السوري الذي صبر طويلاً.. وضحّى كثيراً.

العدد 1104 - 24/4/2024