نريد المخطوفين السوريين!

ريم الحسين:

نحن أهالي المخطوفين السوريين ندعوكم باسم الإنسانية وحقوق الإنسان للوقوف في وجه مجرمي الحرب والتضامن مع حق المخطوفين بالحرية. نحن نحمّل الدولة التركية ورئيسها مسؤولية عمليات الخطف التي تمت من قبل فصائل مسلحة مدعومة من قبلهم، ونطالبهم بالكشف عن مصير المخطوفين وإطلاق سراحهم فوراً. نريد المخطوفين السوريين.

 

مصير المخطوف لا يموت

بهذه الكلمات التي ترجمت لكل لغات العالم أطلق أهالي المخطوفين السوريين تزامناً مع الذكرى السنوية لشهداء ومخطوفي مشفى الكندي في حلب والمجازر التي حدثت في عدرا العمالية حملة لمعرفة مصير أفراد من عائلاتهم سواء عسكريين أو مدنيين مازالوا مجهولي المصير حتى الآن. زيّنت صفحاتهم على مواقع التواصل بحرقة صور مخطوفيهم: آباءهم، أمهاتهم وإخوتهم دون نية حتى الآن للتحرك على الأرض بمسيرات أو احتجاجات ولو كانت سلمية لأنّ هدفهم الأسمى معرفة مصير عائلاتهم ولا يريدون استغلال هذا الحراك من قبل أي جهة محبة بوطنهم وتأكيداً على ولائهم له فهل يرد لهم الوطن هذا الولاء؟

المطالبة جاءت للجهات الإنسانية لتسمع صرخاتهم دون المساس حتى بهيبة الدولة وتحميل أي جهة داخلية حتى وزارة المصالحة الوطنية فيما سبق والتي تحولت مؤخراً إلى هيئة للمصالحة المسؤولية، فهل ترد لهم هذه الجهات أيضاً لهيب حناجرهم وتبرد قلوبهم وتعطيهم حقهم كمواطنين سوريين تضرروا من هذه الحرب بأقل ما يمكن وهو معرفة مصير مخطوفيهم. مازالت آلام ودموع الأهالي في صالة الفيحاء بدمشق يوم تحرير الغوطة وصور انتظارهم لذويهم تدمي القلوب والخيبة التي مُنِي بها هؤلاء عالقة في الوجدان السوري. لماذا لا تتحرك هيئة المصالحة الوطنية لمعرفة مصير آلاف المفقودين إما بشكل فردي هنا وهناك في أماكن النار سابقاً أو المخطوفين في مجازر يندى لها جبين البشرية من قبل قطعان الهمجية في عدة مواضع عسكرية وقرى مدنية كالمجازر التي حدثت في ريف اللاذقية ومجزرة تفجير معبر الراشدين التي ذهب ضحيتها عشرات الأطفال من قلاع الشمال الفوعة وكفريا بعد اتفاق للخروج من حصار جائر مع من ليس لديه عهد ولا ميثاق!! والقائمة تطول على مدار سنوات الحرب، أم أن عمل الوزارة هو المصالحة لعودة الإرهابيين وبيئتهم الحاضنة إلى حضن الوطن؟! وهل سبب تحويلها من وزارة إلى هيئة ينضوي سراً تحته فشلها الذريع في هذا الأمر!

وبالرغم من التقصير الواضح من قبل الجهات المعنية داخلياً بقضية الأسرى والمخطوفين إلا أن ذويهم حمّلوا النظام التركي السبب الأساسي في ألمهم لأن أغلب المجازر قامت بها ميليشيات إرهابية مدعومة من قبله.

إذاً ما دور الوطن في هذا الملف؟ ألا يجب أن يكون هذا الملف من أولويات هيئة المصالحة والجهات ذات الصلة بالتفاوض وعقد الاتفاقيات !! هل تعلم هذه الجهات حجم الاستغلال الذي تعرض له البعض من ذوي هؤلاء برسائل تصلهم أن أبنائهم لدى جهة معينة ويريدون فدية والأهالي في هذه الحالة ستدفعهم العاطفة ويبيعون كل أرزاقهم على أمل أن تتكحل أعينهم برؤية أبنائهم مرة أخرى ثم يتعرضون للنهب والسرقة دون الحصول ليس على مخطوفيهم فقط وإنما على خبر يشفي صدورهم ويطمئنهم، حتى أن هذه الوزارة سابقاً لم تكلف نفسها بنشر رسائل توعية للمواطنين عن هذا الموضوع!

هل تعلم الجهات المعنية أن أغلب الأمهات وخصوصاً أمهات العسكريين ترفضن إقامة مجالس العزاء لأبنائهم الذين فقدوا وأعلن استشهادهم نتيجة فقدانهم في المعارك أو الهجمات الغادرة حتى يرين أي شيء أو بقايا من فلذة أكبادهم فهم يعيشون على أمل أن يكونوا مخطوفين لدى الإرهابيين كرهائن!

من حق هذه العائلات أن تعلم مصير مخطوفيها بثبوتيات لا أن يُقال تم تصفيتهم فقط أو لا نعلم حتى الآن مصيرهم، نحن نعلم تعقيد الملف ومفرزات الحرب لكن نراهن على الوقت وعلى أداء الجهات المعنية في إغلاق هذا الملف نهائياً لتقرّ هذه العيون وتهدأ القلوب المتكسرة. فلتكن القوائم بأسمائهم وأماكن خطفهم وفقدانهم جاهزة للتفاوض بعد أن بدأت الحرب في وضع أوزارها و إسدال الستار وبدأ الحديث عن إعادة الإعمار فليكن الإعمار بادئاً بالبشر ثم الحجر أو بشكل متوازٍ معه.

هؤلاء مواطنون سوريون فُقدوا في هذه الحرب اللعينة ومن أقل حقوقهم وحق أهاليهم معرفة مصيرهم فهل يكون القائمون على وطنهم بحجم المسؤولية؟!

المجد للشهداء، حماة الديار عليكم سلام.

العدد 1104 - 24/4/2024