طبقية الأحزمة من خضراء إلى سوداء ‍!

ريم الحسين:

في ظلّ الارتفاع الهائل لأسعار المنازل والإيجارات سؤالٌ يطرح نفسه وبشدّة: هل هناك خطة حكومية لاستيعاب مشكلة التمايز الطبقي الحاصل، ومعاناة الشباب وأحلامهم في الحصول على منزل بعدة أمتار يأوي عائلاتهم؟ وهل تلك المشاريع العملاقة لرفع مستوى المدن وخصوصاً دمشق كمشروع ماروتا أو باسيليا سيتي يترافق مع رفع مستوى المعيشة؟ أم أنها كالعادة مشاريع عملاقة للأغنياء والمستثمرين لن تعود على المواطن الفقير إلا بالألم كلما مرّ بجانبها يشاهد حلمه على الأرض ولا يستطيع حتى التفكير في النظر ؟! هل الخطط السكنية هي لإعطاء من يملك عشر منازل على الأقل منزلاً آخر أم أنّها يجب أن تكون جمعيات يستطيع المواطن من الطبقة الوسطى على الأقل الاكتتاب فيها؟ ثمّ ماذا عن أصحاب العشوائيات التي هدمت هناك أو الموضوعين حالياً على قائمة الرّعب بأن تُصفّى منازلهم أيضاً كغيرهم على أمل الوعود بإعطائهم شقق في هذه المنتجعات السياحية بتقسيط مريح ؟! وإذا كان سعر الشقة على الأقل ٤٠٠ ألف دولار، فبعد كم سنة ضوئية سيتملك هذا المنزل أم كالعادة سيضطر لبيع حصته بسعرٍ زهيدٍ لأنّ هذه الأماكن مخصّصة للأغنياء فقط؟!

لا أحد ضد التطّور العمراني وتزيين المدن والحضارة لكن بالمقابل بحزام آخر أقل جمالية بكثير لكنه يستوعب هذا الكم الهائل من الشباب العازف ليس فقط عن الزواج بل عن الحياة.لقد أصبحت الجمعيات حلماً وإن تجسدت واقعياً، نأتي إلى تمثيليات سحب الأسماء على التلفاز وآلات اليانصيب، وعلى فرض النزاهة لا تغطي تلك الجمعيات والتي أفضل تسمية لها جمعيات الصدفة أقل من 1/100000 من حاجة الشعب للمسكن. إذا كان خط الفقر العالمي يساوي 1.9 دولار باليوم بعد حساب مصاريف المواطن السوري الأساسية يتبين أن خط الفقر السوري يتدحرج إلى الأسفل.. إلى خط الفقر المدقع، أي أقل من دولار.

إلى متى هذا الإرهاب الاقتصادي الممارس على شعبنا؟  هل من ضير أن تعاد هيكلة وبناء سور ريف دمشق من المناطق المنكوبة بلا منتجعات وأسواق تجارية (مولات) ومسابح وما إلى ذلك من رفاهية أصحاب الأموال، إلى أبنية جميلة ورخيصة تتسع لأصحابها الأساسيين، ولأهالي الشهداء والجرحى والفقراء، بطريقة تتناسب مع الدخل المخجل للمواطن السوري! إن إعادة الإعمار فرصة لردم الشرخ الكبير في قدرة المواطن على امتلاك منزل إلا على المدى البعيد والذي هو من أساسيات الحياة وأدنى الحقوق للشعور بالأمان والمواطنة كي يشعر المواطن أن هناك وطناً يضمه، البيت هو الوطن، وخصوصاً من ضحى لإعادة هذا الوطن سيداً بعد غزو الإرهاب.

على أمل أن تكون التغييرات التي طالت وزارة الإسكان على قدر من المسؤولية وتحمّل الجهد للتغيير في هذا الملف المؤلم لدى غالبية الشعب. المدن تحتاج الرّقي والسياحة والتطّور، لكن ليس على حساب الغالبية العظمى من الشعب. إن كان من الصعب على الفقراء تحمل هذه التكلفة، أثناء بحثكم عن التطّور ابنوا لهم أبنية لائقة لا تضرّ بجمالية تلك المدن، على الجانب الآخر لا يهم خط الفصل الطبقي هنا، المهم أن تجد العائلة السورية مأوى وحائطاً تستند إليه وسقفاً يغطيها من ويلات ومشقات الحياة المعيشية، ليشعر المواطن السوري بعدها بأن سيادة الوطن.. وحق المواطنة ليست تعابير سيريالية، السيادة والمواطنة الحقيقية هي برفع مستوى معيشة الفقراء! أما (الجنة) فمباركة للأغنياء!

أعطوا الفقراء القليل من حقوقهم في هذا الوطن حتى لا يتحول هذا الحزام الأخضر إلى حزام أسود ناسف لآمال الفئات الفقيرة والمتوسطة. هنا لاتهمنا الألوان ما يهمنا هو حصول الفقراء على منازل تؤويهم..على حقوق متساوية،المنزلُ وطنٌ، لا يهمّ لون المحور أو مكانه  حول المدن .الفقر في الوطن غربة ،غياب العدالة غربة ،غياب الحقوق غربة ، الظلم في الوطن غربة ، الفساد في الوطن غربة. أما آن لشعبنا الصابر أن يعيش في وطن يتسع للجميع؟!

المجد للشهداء

حماة الديار عليكم سلام

العدد 1105 - 01/5/2024