مطـلب الأمة لطـريق السـلام

فلسطين قضية شغلت العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص على مدى عقود وعقود.. لعلّه البلد الذي كُتب عليه القتال والمقاومة مدى الحياة، فمنذ قرار (بلفور) ومنحه فلسطين وطناً لليهود تغيّر تاريخ هذا البلد الصامد ووجد نفسه أمام ثورة الحق (الأرض المسلوبة هي ملك لأهلها وحقٌّ مشروع). هنا كان لابدّ للعرب أن يقفوا بوجه سلخ فلسطين من خارطة الوطن العربي، وبالتالي التصدي لمؤامرة صهيونية تريد زرع السمِّ بين الشعب الواحد بفرض حدود بين الأشقاء. لكن للأسف، الكثير من الدول العربية وقفت مكتوفة الأيدي تنظر من بعيد بمنظار الرحمة إلى فلسطين، حتى صارت كلمة تُلفَظُ على الشفاه فقط ولم يعد هناك حقٌّ مسلوب، لأن البترول غمر الخريطة العربية ودمغ فلسطين بلزوجة الذهب الأسود، ونام صلاح الدين على ضفاف بردى حالماً ببلد العرب وابنتهم المغتصبة أمام عيون الإخوة، ولم تنفع ثورة القاوقجي لردع المغتصب لأن الخيانة كانت أقوى من صوت الحق، فباتت فلسطين افتتاحية المحافل ببضع كلمات تواسي الشعب المسكين بعيونه الحائرة لجسر العودة، لبلده وأرضه، لشجره وليمونه، للقمر الغافي على حكايات الحب والأمجاد، لكن يداً واحدة لا يمكن أن تقف بوجه المعتدي، فلا يمكن للمقاومة بلبنان وسورية وبعض الدول العربية التي جعلت من فلسطين قضيتها الأولى لدرب السلام أن تقف بوجه عدوان مدعوم من الأشقاء، فكيف للحق أن يعود وبين الإخوة خلاف ومصالح، لابدّ أن يُغَلَق باب الماضي على كتاب التاريخ ويضيع المفتاح بسرداب التقسيم، وتنام فلسطين على ضيم الهزيمة، والتجاهل من الأشقاء، فلا عودة بعد أن اندفع النفط من أرض العرب، وسار بسيله نحو الغرب، ومدَّ الدولار نفوذه برايةٍ ترفرف فوق سماء الخليج، فبات شعار إسرائيل من الفرات للنيل أغنية بفم طفل الخليج، بعد أن علمه الأهل أن أخوك اليمني هو عدوك، وشقيقك السوري جسرٌ منيع بوجه أحلامك وطيب طعامك، فلا قضية بين أطراف متضاربة المصالح ترد، وإن تمّ فتح ملف الحوار بها يكون لنشوب خلاف جديد!؟

ما دام كلٌّ منّا يغني بوادٍ مردداً هتاف المصلحة الفردية ستبقى فلسطين كلمة اعتيادية فقط على شفاه الخطباء بالمحافل، وبيت شطره لدعم قصيدة بشدّة التصفيق، فقد ضاع الحق مع ضياع المطالب، وكُتِبَ على شعبها النضال بيد واحدة لا يهم أن تصفق، المهم أن لا يزعج التصفيق الأشقاء ويشوّه الصورة الجميلة لهم بوجه العدوان، ولتنام فلسطين على ضيمها، ولينعم الخليج بحلاوة مذاق الشوكولاته السويسرية، ولتكن بلاد العرب أوطاني… نشيد الأطفال وهم يلعبون بالأزقة.

العدد 1105 - 01/5/2024