نطّرونا كتير..

ديمة حسن:

بتصريحات تارة، وبإشاعات تارة أخرى حول زيادة أجورهم، تهدأ نفوس السوريين عن وضع معيشي ظالم أصبح لا يطاق منذ عدة سنوات.

هي إبر مهدئة تستخدمها الحكومة كل فترة، ويطول بعدها الانتظار والتمني، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالزيادة المرجوة لم تأت.

ونحن اليوم أمام تصريح جديد للحكومة بأن زيادة الأجور قادمة لا محالة، ولكن الموضوع الآن قيد الدراسة.

وهل يحتمل السوريون فترات الدراسة الطويلة هذه، التي تجري غالباً على نار هادئة جداً؟! ألم يحن موعد نضوج هذه الطبخة العظيمة؟! هل تحتمل الشريحة المفقرة آلاماً أخرى تضاف إلى سلة الآلام الغنية التي عانت منها خلال سنوات الأزمة السورية من تهجير وتفقير، ومن دماء دفعتها في سبيل هذه البلاد؟! ألم يحن الوقت لإنصاف من صمد في البلاد؟! من قدم أبناءه قرباناً لأرضه وشعبه؟! أم أن استغلال هذه الشريحة بات سهلاً يسيراً؟! ناسين أو متناسين أنها حجر الأساس في قلعة الصمود التي يتغنى بها كل مسؤول في هذه الحكومة؟!

إن الشريحة المفقرة من السوريين اليوم وفي ظل كل ما عانته بقيت صامدة ومتحملة ضمن ظروف يصعب على أي إنسان أن يعيش فيها، وهي إذ صبرت عدة سنوات فمن يعلم متى سينفد صبرها عن الانتظار؟! ولكن يجب ألا ننسى أن التجار أيضاً هم أكثر المتطلعين إلى زيادة الرواتب حتى أكثر من الكادحين المفقرين أنفسهم، فالزيادة تعني، للتجار، حركة بيع وشراء في الأسواق، وأموالاً وأرباحاً طائلة تضاف إلى جيوبهم وتضاعف من ثروتهم التي تحققت بمعظمها من استغلال الشريحة المفقرة، وذلك بسبب عدم وجود رقابة على الأسواق ولا قوانين ناظمة تحد من الاستغلال، فعلى زيادة الرواتب اليوم أن تكون سريعة، حقيقية بنسب مدروسة فعلاً وليست مجرد زيادة شكلية لا تصلح ما أفسده الزمن. كما يتطلب الأمر إصدار قوانين لمواجهة ارتفاع الأسعار الجنوني الذي يترافق مع كل إشاعة حتى بزيادة الأجور، فالظلم الناتج عن زيادة الأسعار لا يطول فقط من زادت أجورهم، بل يطول أيضاً شريحة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص وغير المسجلين بالتأمينات، إذ تُستغل جهودهم دون أن تطولهم أي زيادة تذكر، فعلى القوانين أن تكون صارمة تخضع من يحاول التلاعب بالشريحة المفقرة واستغلالها لعقوبات تتناسب مع حجم هذا الإثم بحق السوريين، وأن تنفّذ بشكل حقيقي دون تهاون، ودون خضوع للفساد المستشري في البلاد.

إن وضع هذه القوانين سيؤدي بالضرورة إلى الحد من التضخم ورفع القدرة الشرائية للمواطنين، ما يعني تحسين مستواهم المعيشي بعد سنوات من الفقر المدقع.

نطّرونا كثيراً.. ولكن (للصبر حدود)!

العدد 1104 - 24/4/2024