الديمقراطية في المجتمع وانعكاسها على حياتنا الشخصية

وعد حسون نصر:

الديمقراطية هي شكلٌ من أشكال الحكم، وهي نظامٌ سياسيٌ، واجتماعيٌ، حيث الشعب هو مصدر السيادة والسلطة، ومميّزات النظام الديمقراطي، تتمثل في دستور يحدد القواعد الأساسية لنظام الحكم، وسيادة القانون، ولعلّ أهمّ خصائصها: صيانة الحريّات العامة للمجتمع، (التعبير، العقيدة، الصحافة…الخ)، وأن يحترم القانون حقوق المواطنين، وبالتالي، تُخلق أجواءٌ لتنمية وعي المواطن بكرامته، وحقه في الحياة.

لكن، وبعد كل هذا المفهوم الرائع للديمقراطية، هل يا ترى نحن وضمن مجتمعنا السوري، نحظى بديمقراطيةٍ مطلقةٍ؟ سواءٌ على صعيد الدولة، وضمن قطاعاتها ومؤسساتها، أو على الصعيد الشخصي، على اعتبار أننا أفرادٌ بهذا المجتمع ؟؟

من وجهة نظري، نحن مازلنا نتغنّى فقط بالديمقراطية والحرية وما شابه، لكننا نتجاهل تماماً الجانب العملي، وننسى التطبيق، فعلى الصعيد الشخصي، مازلنا كمواطنين بعيدين كلّ البعد عن الكثير من حقوقنا، ولا نحصل إلاّ على القليل منها، ومازالت تحكمنا القوانين القبلية، والعشائرية، المبطنة بحريةٍ زائفةٍ سواءٌ بالعمل، أو مؤسسات الدولة، حتى في الحي والمنزل، فالكثير منا كأسرةٍ مثلاً نرفض بعض التغييرات، على اعتبار أنها مخالفةٌ للمجتمع، وأيضاً، ورغم أننا نتكلم عن الحرية والديمقراطية، لكننا نقف بوجه أي شخصٍ من أفراد الأسرة، إذا ما أراد التمتع باستقلاليته، وحريته، أو أن يغيّر تغييراً بسيطاً بقوانين المنزل، نعتبره متمرداً على العادات والتقاليد والعرف والمجتمع.

إذاً ما زلنا نخضع لأحكام، مفسّري الدين، ففي الدستور: (الفقه مصدرٌ أساسيٌ للتشريع)، وهنا للأسف، لا مجال لتطبيق الديمقراطية، لأننا محكومون بجملة أحكام، نص عليها الدستور، وصادق عليها رجالات الدين، واعتبرتها الأسرة شعاراً لها، ضمن مجتمعٍ شرقيٍ، لا تستطيع الخروج منه، خشية أن توصم بالشّذوذ فتغدو منبوذة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا ما أراد أحدنا الاستقلال عن الأسرة، وخاصة الفتاة، فإن هذا الأمر مرفوضٌ بالمطلق، وليس لها حرية النقاش، أو إبداء الرأي، مادامت تحت سلطة الأب أو الأخ، ومن بعد تحت سلطة الزوج، لذا ومن وجهة نظرٍ شخصيةٍ، لا يوجد في مجتمعنا ما يسمى في العالم ديمقراطيةً، بل أحكامٌ عامة، وأخذ مجتمعنا الكلمة فقط ليرددها، عبر وسائل الإعلام، ويدرسها بمفهومها النظري فقط، بمناهج الدراسة، لتبقى كلاماً مبهماً، لا يمكن أن يتلاقى مع سلطة العرف، والعادات والتقاليد وسطوتها، وبالتالي، لا يخفى على أحدٍ أنّ مجتمعنا مليءٌ بالتعصّب والتسلّط، وبهذا، لا مجال لتزهر الديمقراطية، بكل أشكالها، وعلى الأصعدة كافة.

العدد 1105 - 01/5/2024