“وابتدا المشوار”

محمود هلال:

توجه يوم الأحد 2/9/2018 ملايين التلاميذ والطلاب من جميع مراحل التعليم (رياض أطفال وأساسي وثانوي عام ومهني ومعاهد إعداد مدرسين) إلى مدارسهم ومعاهدهم، وتلونت في ذلك اليوم من جديد شوارع مدننا وقرانا وطرقاتها بالأزرق والزهري، واكتظت بفراشات وعصافير وبواشق وحمامات هنا وهناك مسرعين إلى مدارسهم، معلنين بداية المشوار الدراسي لهذا العام.

وقد سبق بدء العام الدراسي حملة استنفار من الأهل لتأمين المستلزمات المدرسية للأبناء، من لباس وكتب وقرطاسية وغيرها، الأمر الذي بات عبئاً كبيراً مع الارتفاع الجنوني للأسعار، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، فقد أصدرت الحكومة قراراً بتقديم قرض (سلفة على الراتب) قدره 50 ألف ل.س للأسرة السورية قبل بداية العام الدراسي، ووجهت ببيع الألبسة والمستلزمات المدرسية كافة في المدارس وخصصت سيارات جوالة لهذه الغاية، إلا أن الأسرة السورية تنوء في هذا الشهر تحت أعباء ثقيلة، إذ تبدأ بتحضير المونة من مكدوس وبرغل وكشك وغيرها، كما أنها ودعت عيد الأضحى المبارك قبل بداية العام الدراسي بأيام قليلة وله نفقاته أيضاً. وبعملية حسابية بسيطة تخص تكاليف المدرسة فقط، نجد أن كل تلميذ يكلف أهله بداية كل عام نحو 30 ألف ليرة، فكان الله بعون رب الأسرة التي فيها أربعة أو خمسة تلاميذ، فكم يحتاج المعيل من القروض والسلف؟

وبالمقابل كذلك جرى استنفار في جميع مديريات التربية في المحافظات، من أجل القيام بجولات على المدارس لتجهيزها للعام الدراسي، وخاصة في المناطق التي عادت إلى حضن الوطن، وجرى التأكيد على أهمية النظافة فيها والتخلص اليومي من القمامة وإبعاد الحاويات عن المدارس، وتأكيد أهمية النظافة الشخصية للتلاميذ ومنع وجود الباعة الجوالين أمام المدارس، وكذلك جرى التنبيه إلى عدم الازدحام في وسائط النقل التابعة للمدارس وتأمين التهوية الجيدة فيها، إضافة إلى تخفيف الازدحام داخل الصفوف، وذلك بزيادة عدد المقاعد والمسافات بينها.

أعتقد أن من المهم جداً الاهتمام بالمدارس وتجهيزها بكل ما يلزم، وذلك ليس في بداية العام الدراسي فقط، بل المطلوب أن يجري ذلك على مدار العام، لأنه كما يقال درهم وقاية خير من قنطار علاج.

أما فيما يخص العملية التعليمية والتربوية، فيجب الارتقاء بها وتطوير المناهج المدرسية باستمرار، وذلك بتقديم المنهاج الذي يوسع مدارك التلميذ ويخاطب عقله بحيث يصبح قادراً على الابتكار والإبداع والعطاء، ويخلصه من أسلوب التلقين وحفظ البصم وحشو المعلومات في رأسه من أجل أن يمتحن بها في نهاية العام ويضع نقطة في آخر السطر، وتتوقف العملية التعليمية عند هذا الحد.

أعتقد أيضاً أنه بات من الضروري جداً الاهتمام بالدروس العملية والتطبيقية، وأن تكون مواكبة للدروس النظرية وأن لا تبقى شكلية، مع ضرورة تأمين كل مستلزماتها من مخابر وأدوات وغيرها، وكذلك لابد من تأمين الكوادر التدريسية الجيدة والكفأة والقادرة على القيام بأعباء العملية التعليمية منذ بداية العام الدراسي، خاصة في المناطق التي عادت إلى سلطة الدولة.

وأخيراً نشدد على الدور الهام الذي يمكن أن يقوم به الأهل، في أن لا يقتصر على شراء المستلزمات المدرسية عشية العام الدراسي فقط، بل المطلوب منهم المتابعة الحثيثة لأبنائهم في المنزل والمدرسة، والسؤال عن أوضاعهم الدراسية وسلوكهم، وبذلك تتكامل العملية التعليمية والتربوية، ونستطيع أن نحلم بالغد الأفضل والمستقبل المشرق لوطننا.

العدد 1105 - 01/5/2024