البازار.. لم يبقَ منه سوى الاسم

البازار.. لم يبقَ منه سوى الاسم
على مدار العام يخرج الساعون لاقتناص المال بطرق جديدة، يهدفون من خلالها لزيادة أرباحهم وتصريف بضائعهم، ويستغلون في سبيل ذلك كل المناسبات والظروف. واليوم مع اقتراب عيد الأضحى المبارك ظهر ما يطلق عليه (بازار) الذي أصبح يحمل الاسم على شكله فقط لا على مضمونه، فقد تغير المضمون مع تغير الأهداف.
لقد كان في السابق يطلق اسم (بازار) أي السوق على المكان الذي يتجمع به التجار ويعرضون بضائعهم ليبيعوا منتوجاتهم بسعر أرخص من السابق، لكي يتفادوا كسادها بسبب ارتفاع سعرها، وبهذا يستفيد الناس الذين ينتمون للطبقات الفقيرة والمتوسطة من هذه العروض التي تتيح لهم شراء ما استعصى عليهم من قبل، واقتناء احتياجاتهم بسعر مقبول أكثر، يتناسب مع مداخيلهم القليلة.
ومنذ عدة أيام أعلن من جديد عن بازار بمناسبة عيد الأضحى، كما يحدث بالعادة قبل كل عيد وفي كل بداية فصل من فصول السنة، ولكنها تخلت في الآونة الأخيرة عن هدفها الرئيس، فأصبحت البازارات تقام بأشهر الفنادق وتفرش بكل أنواع البضائع التي تناسب بثمنها إمكانيات أبناء الطبقة الغنية، ولم يعد للمواطن متوسط الدخل والفقير مكان فيه، فبينما كان الهدف من البازار الوصول إلى هذه الطبقة التي لم تعد تجد في الأسواق العادية ما يناسب دخلها البسيط، والتي أقصيت بالتدريج من حق ارتياد هذه الأسواق، التي أصبحت أسعارها مرتفعة بشدة يصعب على الكثيرين تحملها، ها هي اليوم أُبعدت عن البازارات كذلك، وللسبب نفسه: ارتفاع الأسعار التي لا تتناسب بأي شكل من الأشكال مع القدرات الشرائية لمعظم المواطنين.
فقد أصبح التجار وأصحاب البضائع يجدون في البازارت فرصة لرفع الأسعار بدل خفضها، فتراهم يتنقلون من بازار إلى آخر لاكتساب فرصة وجودهم به ونيل حصتهم من الغنائم التي يجنونها من الزوار.
وفي كل مرة يأمل المواطنون من أصحاب الدخل المحدود أن يجدوا ما يثلج صدرهم ويلبي احتياجاتهم من حيث النوعية الجيدة والسعر المناسب، الذي باتوا يفتقدونه في الأسواق الأخرى، ولكن حلمهم أصبح حلم بعيد المنال، فالأسعار المرتفعة أخذت معها مشاعر الناس، فأصبح بعضهم يسعى للربح الأكبر ولو على أكتاف الفقراء وجيوب الكادحين.
فكيف تغفل أعين الجهات الرقابية عن مثل هذه التجاوزات التي يقوم بها القائمون على تنظيم البازار والتجار المشاركون؟ وكيف ترضى الجهات الرقابية أن يبقى المواطن هو الضحية الأكبر والخاسر الوحيد حتى في البازارات؟

العدد 1105 - 01/5/2024