الشباب بين تكوين الهوية وتشكيل الذات

الكل يعمل على تكوين ذاتهِ من ناحية الشخصية، والارتقاء بالذات وإيجاد نفسهِ بين أفراد مجتمعهِ ويعمل جاهداً على ألا يكون مدفوناً في هذا المجتمع. فتفكيرنا لا يتجاوز البحث عن التميز خاصة عند فئة الشباب.

 مثلاً : العمل على تعلُّم اللغات وحفظ أكبر عدد من المعلومات عن الرياضة والسيارات والموبايلات والماركات والاهتمام الزائد بالمنظر الخارجي وغيرها من تلك الأمور.

 وعند استطلاعنا عينة من الشباب الذين تستهويهم هذه الأفكار قالوا لنا: بأن حالة تكوين الذات عند الشباب بحاجة إلى دورات تدريبية تنشط حالة التفاعل بين الشباب والشابات مع وجود مدربين أكاديميين لتكوين تنمية ذاتية وتأطيرها ضمن إطار حالة تكوين الشخصية، تتمحور حول أساسيات إدارة الذات واكتساب شخصية قيادية متميزة ما يتطلبه ذلك من الصبر والمثابرة والإرادة واكتساب المهارات التواصلية وتقدير الذات.

فالشخصية تتكون من مجموعة من الصفات العقلية والانفعالية والاجتماعية التي تتجلى في سلوك الفرد الاجتماعي وتميزه عن غيره.

فالارتقاء بالذات يتطلب العمل على نفسهِ والتخلي عن بعض المرغوبات، وفي ذلك بعض المشقة. لذلك كثير من الناس لا يفكرون في هذا الأمر، ولا يجدون القوة لدخول غمار هذا الأمر.

ومن هنا فسر الفيلسوفان دوفان وأدلسون الحاجة إلى معرفة الذات في كتابهما (خبرة المراهق) عام 1966 فقال: إن البحث عن الهوية لا يبدأ في سن المراهقة، فالطفل يعيد صوغ هويات متعددة خلال حياتهِ، ويلتزم هوية معينة في مرحلة المراهقة، فيبني خصائصه الذاتية ومميزاته ويقولبها رابطاً ما بينها وبين ما يفرضه المجتمع. ويضيف دوفان وأدلسون: إن الهوية التي يتخذها المراهق تتأثر إلى حد كبير بخصائص البيئة التي يعيش فيها وقيمها وما تسمح به وتشجع عليه.

      إن لكل مرحلة من مراحل المراهقة خصائصها الجسدية، والنفسية، والعاطفية، والاجتماعية، والروحية. وقد حدد الكثير من العلماء مراحل التطور والنمو هذه، ومنهم د. أ. كيث أولسون في كتابهِ (لماذا يتصرف المراهقون هكذا) عام 1987. وقد عدد ثلاث مراحل لتطور المراهق وهي:

 1- المراهقة المبكرة: من 12 – 14 سنة.

2-  المراهقة المتوسطة: من 15 – 16 سنة.

 3- المراهقة المتأخرة: من 17 -21  سنة.

      ففي سنوات المراهقة المبكرة يواجه الشاب عدداً من التحولات، منها البلوغ الجسدي، إذ ينمو طولاً ووزناً وتظهر بعض التغيرات الفيزيولوجية، فينمو الشعر في أماكن مختلفة من الجسم، ويخشن الصوت عند الذكور. في هذه المرحلة يظهر جلياً التحول النفسي الذي يتسم بالابتعاد عن الأهل ليتميز بفردية وخصوصية عنهم.

      أما في مرحلة المراهقة المتوسطة، فتتواصل التحولات الجسدية والجنسية. ويزيد اهتمام المراهق بالجنس الآخر، وتظهر عليه واضحةً نزعة الانتماء إلى جماعة والتماثل معها، والخروج عن سلطة الأهل ووصايتهم. إنها نزعة طبيعية نحو تكوين الهوية وتشكيل الذات.

العدد 1105 - 01/5/2024