احتفالية فيلمون وهبة… حين تتحدث ذاكرة الإبداع!

بثت قناة (mtv) اللبنانية مساء الخميس الماضي (13 أيلول)، احتفالية فيلمون وهبة، وكانت الاحتفالية برنامجاً تلفزيونياً استعادياً لأعمال فيلمون الإبداعية وتجربته في المسرح والمسرح الغنائي والتلحين. وقد سلطت الاحتفالية الضوء على أهم المنعطفات في تاريخ تجربة فيلمون وهبة الإبداعية والحياتية. واستضافت ضمن برنامجها عدداً من الشخصيات الفنية والسياسية والحياتية التي عاصرت الحالة الإبداعية، وكانت برفقة المبدع الكبير لتقدم شهاداتها وآراءها في شخصية فيلمون الفيلسوف والفنان، وتكاد تكون هذه الاحتفالية سابقة، وتجربة جديدة من حيث التقارير التلفزيونية، وعلى مستوى البرامج التلفزيونية التي تفرد مساحة كبيرة في ذكرى رحيل المبدعين الكبار.

وقد حقق البرنامج تميزاً عبر استعادة أهم الأعمال والمحطات الحياتية لفيلمون وهبة، لكن بالمقابل كان للضيوف إضافات جمالية مميزة وحقائق جديدة عن حياته. فمن ذاكرة رحلاته في الصيد مع فيلمون وأثناء رحلاتهم الموسمية إلى سورية يؤكد اللواء سامي الخطيب أن فيلمون كان تذكرة للعبور عبر البلاد، فكان إبداعه يتجاوز النجوم والنسور الموجودة على أكتافنا، فنشعر بأننا لم نقدم شيئاً للآخرين، فبمجرد الوقوف عند حاجز معين نمر بلا تذكرة السفر، فكان جوازنا للدخول إلى كل البلاد. ويضيف في مكان آخر عن تلحينه لأغنية (قوم تا نلعب باصرة) التي لحنها أثناء رجوعهم من الصيد عالقين في ليالي الثلج في ضهر البيدر.

 وتحدث الفنان دريد لحام في اتصال هاتفي مع البرنامج عن علاقته بفيلمون وهبة فقال: لقد عشقنا فنه قبل أن نتعرف عليه، إذ كنا نتسمر في سهرات معرض دمشق الدولي وقتذاك لنتمتع بأعماله واسكتشاته وموسيقاه. وكان هناك تناص لافت مع تجربته المسرحية، إذ تقمصت في أعمالي الأولى الكثير من الشخصيات التي ابتكرها فيلمون، وكانت أولى تجاربي الفنية معه في مسرحية (قضية وحرامية).

وأظهر العملاق وديع الصافي في تسجيل خاص علاقته مع فيلمون، وأشار إلى خفة ظله في اللحن، وخصوصاً في أغنية (حلوة وكدابة) التي يظهر فيها فيلمون قدرته على الخروج بالجملة الموسيقية إلى الفرح والرقص بلا رتوش وإضافات.

لكن الفقرة الأخيرة من الاحتفالية كان لها طعمها الخاص مع الشاعر الكبير طلال حيدر، والمغني ملحم زين، إذ تحدث الشاعر طلال حيدر مطولاً بلغته الشاعرية عن فيلمون الإنسان والفنان والفيلسوف، وفي كل إشارة كان يؤكد أن فيلمون يكره العبارات المنمقة والعلمية والرسمية، لأنه ذلك الإنسان الذي يقول فكرته دون أي زيادات، يقولها بكل فرح وجمال، وأشار إلى أن فيلمون واحد من المبدعين الذين (يطوبون) الزمن على اسمه ربما لمئات السنين. وتحدث أيضاً عن طرائفه اللحنية، إذ فاجأه مرة في إحدى مهرجانات بعلبك وقال له: طلال (بتاخذ 1500 ليرة هلق؟) أجبته (نعم). فطلب مني أن أُركِّب كلمات على لحن يدندنه للشحرورة، فكانت أغنية (روحي ياصيفية وتعي ياصيفية).

وقدمت المغنية اللبنانية الشابة سارة الهاني أغنيتين للشحرورة (دخل عيونك حاكينا  مرحبتين ومرحبتين)، وكذلك غنى السوبر ستار ملحم زين أغنية (أسوارة العروس)، وإضافة إلى استعادة بعض الأغنيات التي لحنها فيلمون للمغنية اللبنانية (مجدلا).

يذكر أن فيلمون وهبي بدأ حياته الفنية مغنياً، ثم انتقل سريعاً إلى التلحين من دون أن يدرس الموسيقا وقراءة النوتة. واشتهر بألحانه الشعبية منذ مطلع الخمسينيات، كما عُرف كصوت كوميدي محبّب في العديد من البرامج الإذاعية. استمر في العطاء على مدى أربعة عقود من الزمن، وترك إنتاجاً غزيراً ينتظر من يجمعه ويصنّفه ويؤرّخه.إذ لحن للعديد من المغنيات العربيات واللبنانيات، وتكاد تكون أشهر الألحان للمغنين من ألحانه.

وفي السنوات الأخيرة من عمره، وضع فيلمون وهبي لفيروز مجموعة أغانٍ بعد انفصالها عن الأخوين رحباني. صدرت أسطوانة (دهب أيلول) عام ،1980 ثم أسطوانة (ياريت)، ومنها (ياقونة شعبيي)، و(يا ريت منن)، و(طلعلي البكي) و(ورقو الأصفر).ثم أطلق في نهاية الثمانينيات أسطوانة لما ع الباب، وأسوارة العروس.

 توفي فيلمون وهبة في الخامس عشر من أيلول سنة ،1984 بعد مسيرة طويلة من الإبداع في المسرح والتلحين والموسيقا، وأغنى بذلك المكتبة الغنائية العربية بالكثير من الأغنيات البسيطة والسلسة، والتي تدخل القلوب عبر الألحان الشعبية الجميلة.

العدد 1104 - 24/4/2024