الرئيس الأسد: التدخل الخارجي خط أحمر أي اضطراب في سورية سيكون له تأثير الدومينو على الدول المجاورة والمنطقة

أكد السيد الرئيس بشار الأسد، في مقابلة مع قناة أولوصال وصحيفة أدينليك التركيتين، أن ما يجري في سورية منذ عامين هو نتيجة صراع خارجي مرتبط بالخريطة الإقليمية والصراع بين القوى الكبرى، محذراً من أن أي اضطراب في سورية سينتقل مباشرة إلى الدول المجاورة وبتأثير الدومينو إلى دول بعيدة في الشرق الأوسط ليخلق حالة من عدم الاستقرار. وتنشر (النور) مقتطفات من هذه المقابلة.

فقد شدد الرئيس الأسد على أن مستقبل سورية ومصيرها وآلية اختيار القيادة السياسية فيها هو قرار سوري داخلي، وأن الخط الأحمر الذي تضعه سورية للحوار هو (التدخل الأجنبي)، وعدا ذلك لا توجد خطوط حمر.

وأكد الرئيس الأسد أن الجامعة العربية (هي بحد ذاتها بحاجة إلى شرعية، وهي جامعة تمثل الدول وليس الشعوب).

ولفت الرئيس الأسد إلى أن مجموعة (البريكس) تدعم الاستقرار في المنطقة، لأن الجميع يعرف أنه إذا حصل في سورية اضطراب وصل إلى مرحلة التقسيم أو سيطرة القوى الإرهابية، فلا بد أن ينتقل هذا الوضع مباشرة إلى الدول المجاورة.

وتساءل الرئيس الأسد: كيف يمكن لنظام سياسي يقف ضده عدد كبير من الدول الغربية والإقليمية والعربية، وبالوقت نفسه يقف شعبه ضده، أن يبقى وأن يصمد لسنتين.. معتبراً أن المعادلة ليست كذلك، فالقيادة السورية منتخبة من قبل الشعب السوري، ولذلك فإن (مجيء رئيس أو ذهابه هو قرار سوري داخلي، يتخذه الشعب السوري، لأنه قرار شعبي بامتياز، ولا علاقة لأي دولة في العالم به.

وميز الرئيس الأسد بين مواقف الدول التي يتسرب منها الإرهابيون، مؤكداً أن (تركيا تقوم بشكل رسمي باحتضان هؤلاء الإرهابيين وإدخالهم إلى سورية)، كما أن هناك تسريباً من الأردن، ومن غير الواضح تماماً ما إذا كان مقصوداً. أما العراق فهو ضد تسريب الإرهابيين، ولكن لديه ظروف معينة لا تسمح ربما بضبط الحدود. وفي لبنان هناك أطراف مختلفة منها من يساعد في تسلل الإرهابيين، ومنها من يقف ضد ذلك.

وقال الرئيس الأسد (إن أردوغان رأى في الأحداث فرصة كبيرة لاستمراره في الحكم فانقلب على سورية)، مشيراً إلى أن أردوغان كان حتى قبل الأحداث في سورية (يصب اهتمامه على موضوع الإخوان أكثر من اهتمامه بموضوع العلاقات السورية التركية وأكثر من اهتمامه بتركيا نفسها).

وقال الرئيس الأسد (أردوغان يكذب ويستخدم هذه المقترحات مجرد قناع، ونحن نقبل النصيحة من أي جهة، ولكن لا نقبل على الإطلاق التدخل في الشؤون الداخلية السورية).

وحول ما يتداول من معلومات عن توجه لحل المسألة الكردية في تركيا، قال الرئيس الأسد (موقفنا الواضح والصريح هو دعم أي حل بين الأكراد والأتراك، لأننا لا نريد أن نرى المزيد من الدماء التي ستنعكس سلباً على المنطقة، ونحن ندعم كل حل صادق في هذا الاتجاه، لأن الأكراد جزء طبيعي من نسيج المنطقة.. هم ليسوا ضيوفاً أو مهاجرين جدداً، بل يعيشون في هذه المنطقة منذ آلاف السنين). مشيراً إلى أن مستقبل هذا الحل أو الوضع التركي – الكردي متوقف على مصداقية أردوغان الذي نشك أنه يلتزم بما يعد به، وأن كل الإجراءات التي يأخذها هي إجراءات مؤقتة تهدف إلى دعمه سياسياً، ونرى أن سياسته الجديدة تجاه الأكراد مرتبطة أيضاً ب(الوضع السوري).

وقال الرئيس الأسد: (أعتقد أن أجمل شيء في هذه المنطقة أنها متنوعة، وأخطر شيء ألا ننظر لهذا التنوع على أنه شيء غني يعطينا قوة ونسمح للقوى الخارجية بأن تلعب ألعابها ضدنا).

وبخصوص مخاطر الحرب الطائفية في المنطقة ومن يدفع بها، لفت الرئيس الأسد إلى أن هذا الموضوع طرح منذ عام 1979 لمواجهة الثورة الإيرانية التي أزالت واحداً من أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وانطلاقاً من ذلك كانت الحرب العراقية على إيران في ذلك الوقت والتي دعمتها بعض دول الخليج.. بعدها بفترة قصيرة استخدم الإخوان المسلمون في سورية الهدف نفسه لخلق فتنة طائفية أيضاً.. فشلوا في الأولى وفشلوا في الثانية، والآن بعد ثلاثة عقود لم يعد هناك خيار سوى خلق فتنة طائفية من داخل هذه البلدان.

وبخصوص الوضع الداخلي السوري أكد الرئيس الأسد أن أي حكومة في أي بلد تكون لجزء من الشعب أو لأجزاء منه ولا تمثل كل الشعب، فهذه الحكومة لا يمكن أن تبقى في مكانها.. ستسقط مباشرة، وإن لم تسقط فسوف يسقط الوطن.. مشيراً إلى أن سورية بلد متنوع ومتعايش منذ قرون، والحكومة دائماً تعكس هذا التنوع وهذه المشاركة بمختلف أوجهها وألوانها.

وأشار الرئيس الأسد إلى أن استهداف الدكتور البوطي كان أولاً لمكانته في سورية وفي العالم الإسلامي، وثانياً لوعيه العميق لحقيقة ما يجري.. فلاشك أن موقف رجال الدين ومنهم الدكتور البوطي كان أساسياً في إفشال هذا المخطط الذي يهدف لخلق فتنة طائفية.

وختم الرئيس الأسد المقابلة متوجهاً للشعب التركي بالقول (نحن وأنتم والمنطقة نمرُّ في مرحلة مفصلية، وما يجري فيه الكثير من المخطط الخارجي بهدف السيطرة على هذه المنطقة، وعلينا ألا نقبل بأي إعادة صياغة أو رسم للمنطقة إلا بحسب القرارات التي تناسبنا كشعوب، ويجب أن نكون نحن أصحاب القرار). مضيفاً (أن ما بدأناه منذ عشر سنوات أو اثنتي عشرة سنة مع الرئيس أحمد نجدت سيزار، يجب أن نستمر به بكل الظروف، أي الأخوّة العربية التركية، ولا يمكن أن يكون هناك أخوة بين العرب والأتراك إن لم تكن العلاقة السورية التركية جيدة، والحكومات ستذهب ولن تبقى إلى الأبد، فعلينا ألا نسمح للمسؤولين الحمقى وغير الناضجين أن يضربوا هذه العلاقة التي يجب أن نبنيها نحن وليس أي جهة أجنبية في الخارج، وهذه رسالتي للشعب التركي.

العدد 1105 - 01/5/2024